فقوله:"أيّامُ التشريق" مبتدأ خبره قوله: (أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ") أي فلا يُشرع صومها، إلا لمن لم يصم الثلاثة الأيام في التمتّع؛ لصحّة استثناء ذلك في حديث عائشة، وابن عمر - رضي الله عنهما -، كما سيأتي.
زاد في رواية ابن عليّة التالية: "وذكر لله"، ولفظ النسائيّ: "وذكر الله" أي: هي أيضًا أيام ذكر لله عز وجل، لأمر الله تعالى بذلك في قوله:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: ٢٠٣] الآية.
وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا المساق -يعني قوله: "أيامُ أكل وشرب" -يدلّ على أن صومهما ليس محرمًا؛ كصوم يومي العيدين؛ إذ لم يُنْهَ عنها كما نُهِيَ عن صوم يوم العيدين، ولذلك قال بجواز صومها مطلقًا بعض السَّلف. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "إذ لم يُنه عنه" فيه نظر لا يخفى، فقد صحّ النهي عن صومها في حديث عمرو بن العاص مرفوعًا، كما سيأتي قريبًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث نُبيشة الْهُذليّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصتف) هنا [٢٥/ ٢٦٧٧ و ٢٦٧٨](١١٤١)، و (أبو داود) في "الأضاحي" (٣/ ١٠٠)، و (النسائيّ) في "الفَرَع والعَتِيرة" (٧/ ١٧٠)، و (أحمد) في "مسنده" (٥/ ٧٥ - ٧٦)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٢٤٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢/ ٢٢٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ٢١٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٤/ ٢٩٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان تحريم صوم أيام التشريق مطلقًا إلا ما استثني، وهو صوم المتمتّع الذي فاتته الأيام الثلاثة؛ لما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن عروة، عن عائشة، وعن سالم، عن ابن عمر قالا: "لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي".