للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): بيان استحباب ذكر الله عز وجل في هذه الأيام، وهو موافق لقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣]، والله تعالى أعلم بالصواب.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم صوم أيام التشريق: ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يصح صومها بحال، وهو أظهر القولين في مذهب الشافعيّ، وبه قال أبو حنيفة، وابن المنذر، وغيرهما.

وذهب جماعة إلى أنه يجوز صيامها لكل أحد تطوعًا وغيره، حكاه ابن المنذر عن الزبير بن العوّام، وابن عمر، وابن سيرين، وقال مالك، والأوزاعيّ، وإسحاق، والشافعيّ في أحد قوليه: يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي، ولا يجوز لغيره.

واحتج هؤلاء بحديث البخاريّ المذكور، أفاده النوويّ رحمه الله (١).

وقال في "الفتح": والراجح عند البخاريّ جواز صومها للمتمتع، فإنه ذكر في الباب حديثي عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - في جواز ذلك، ولم يورد غيره، وقد روى ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوّام، وأبي طلحة من الصحابة الجواز مطلقًا، وعن عليّ وعبد الله بن عمرو بن العاص المنع مطلقًا، وهو المشهور عن الشافعيّ، وعن ابن عمر وعائشة وعُبيد بن عُمير في آخرين منعه إلا للمتمتع الذي لا يجد الهدي، وهو قول مالك، والشافعيّ في القديم، وعن الأوزاعيّ وغيره يصومها أيضًا المحصر، والقارن.

وحجة مَن منع حديث نُبيشة الهذليّ - رضي الله عنه - المذكور في الباب: "أيام التشريق أيام أكل وشرب"، وحديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -: "أيام منى أيام أكل وشرب".

ومنها حديث عمرو بن العاص "أنه قال لابنه عبد الله في أيام التشريق: إنها الأيام التي نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومهنّ، وأمر بفطرهنّ". أخرجه أبو داود، وابن المنذر بإسناد صحيح، وصححه ابن خزيمة، والحاكم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أرجح المذاهب مذهب من


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٧.
(٢) "الفتح" ٥/ ٤٣٢.