للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أشهب: مُدّ وثلث بمد أهل المدينة. وقال قوم: قوت يوم عشاء وسحور. وقال سفيان الثوري، وأبو حنيفة: نصف صاع من قَمْح، وصاع من تمر أو زبيب.

وقوله: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: ١٨٤]؛ أي: من تطوع بزيادة على إطعام مسكين، قاله ابن عباس وجماعة. وقال ابن شهاب: من أراد الإطعام مع الصوم. وقال مجاهد: من زاد في الإطعام على المد.

و {خَيْرٌ} الأول والثاني بمعنى: أَخْيَر، وأفضل، معناه: من تطوَّع بأكثر من ذلك فهو أفضل عند الله تعالى.

وقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤]؛ أي: الصوم خير. وكذلك قرأها أُبَيّ. ومعناه: أن الصوم أفضل وأولى من الفدية. انتهى (١).

(كَانَ مَنْ أَرَادَ) زاد في رواية النسائيّ: "منّا" (أَنْ يُفْطِرَ) بضمّ أوله، من الإفطار (ويَفْتَدِيَ) خبر "كان" محذوف؛ أي فَعَلَ ذلك (حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا) أي قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية [البقرة: ١٨٥] (فَنَسَخَتْهَا) أي نسخت آية التخيير، وأوجبت الصوم على كلّ من شَهِد الشهر.

حديثُ سلمة - رضي الله عنه - هذا صريح في أن هذه الآية منسوخة، وثبت مثله عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق نافع، عنه أنه قرأ: "فدية طعام مساكين" قال: "هي منسوخة".

ورجّح النسخَ ابنُ المنذر من جهة قوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، مع أنه لا يُطيق الصيام.

وقيل: إن الناسخ قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.

قال البخاريّ تعليقًا: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرّة، حدثنا ابن أبي ليلى، حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: "نزل رمضان، فشقّ عليهم، فكان من أطعم كلّ يوم مسكينًا، ترك الصوم، ممن يُطيقه، ورُخّص لهم في ذلك، فنسختها: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فأمروا بالصوم".


(١) "المفهم" ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣.