للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم لكل مريض. انتهى كلام القاضي عياض رحمه الله (١).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (١/ ٢١٦): وقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] كما قال معاذ - رضي الله عنه -: كان في ابتداء الأمر من شاء صام، ومن شاء أفطر، وأطعم عن كل يوم مسكينًا، وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -، أنه قال: لما نزلت: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] كان من أراد أن يُفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.

وروي أيضًا من حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: هي منسوخة.

وقال السديّ، عن مُرّة، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: يقول: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي يتجشمونه، قال عبد الله: فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، {فَمَنْ تَطَوَّعَ} يقول: أطعم مسكينًا آخر، {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، فكانوا كذلك حتى نسختها: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.

وأخرج البخاريّ عن عطاء، سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قال ابن عباس: ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا، وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه.

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، ثم ضَعُف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينًا.

وأخرج ابن مردويه عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على عطاء في رمضان، وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية، فنَسَخت الأولى إلا الكبير الفاني، إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا، وأفطر.


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٩٩ - ١٠٠.