للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه عن أمر الشرع، فلولا أن ذلك كان جائزًا لم تواظب عائشة - رضي الله عنها - عليه، قاله في "الفتح" (١).

وقال النوويّ رحمه الله: وقد اتَّفَق العلماءُ على أن المرأة لا يحل لها صوم التطوع وزوجها حاضر، إلا بإذنه؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق في "صحيح مسلم، في "كتاب الزكاة"، وإنما كانت تصومه في شعبان؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم معظم شعبان، فلا حاجة له فيهنّ حينئذ في النهار، ولأنه إذا جاء شعبان يضيق قضاء رمضان، فإنه لا يجوز تأخيره عنه. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": مما يستفاد من هذا الحديث أن القضاء موسَّع، ويصير في شعبان مضيِّقًا، ويؤخذ من حرص عائشة - رضي الله عنهما - على القضاء في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان، فإن دخل فالقضاء واجب أيضًا، فلا يسقط، وأما الإطعام فليس في الحديث له ذكرٌ لا بالنفي، ولا بالإثبات (٣)، وسيأتي بيان الخلاف فيه، وأن الراجح عدم وجوب الفدية، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): عدم وجوب الفدية لتأخيره، وقد اختلفوا في وجوبها إذا أخّره عن رمضان الذي بعده، وسيأتي بيان ذلك قريبًا أيضًا -إن شاء الله تعالى-.

٦ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن حقّ الزوج من العشرة والخدمة يُقدَّم على سائر الحقوق، ما لم يكن فرضًا محصورًا في الوقت، وقيل: قول عائشة - رضي الله عنها -: "فما أستطيع أن أقضيه إلَّا في شعبان" يدلّ على أنها كانت لا تتطوع بشيء من الصيام، لا في عشر ذي الحجة، ولا في عاشوراء، ولا في غيرهما، وهو مبني على أنها ما كانت ترى جواز صيام التطوع لمن عليه دين من رمضان، ولكن من أين ذلك لمن يقول به، والحديث ساكت عن هذا؟ قاله في "العمدة" (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في جواز تأخير قضاء رمضان، ووجوب التتابع فيه:


(١) "الفتح" ٥/ ٣٥١.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٢ - ٢٣.
(٣) "عمدة القاري" ١١/ ٥٦.
(٤) "عمدة القاري" ١١/ ٥٦.