للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن يستحب. انتهى (١).

وقال في "الفتح": واختُلِف في المراد بقوله: "وليه"، فقيل: كلُّ قريب، وقيل: الوارث خا صّة، وقيل: عصبته والأول أرجح، والثاني قريب، ويردّ الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها.

قال: واختلفوا أيضًا هل يختص ذلك بالوليّ؛ لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية، ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة في الحياة، فكذلك في الموت، إلا ما ورد فيه الدليل، فيُقْتَصر على ما ورد فيه، ويبقى الباقي على الأصل، وهذا هو الراجح، وقيل: يختصى بالوليّ، فلوأمر أجنبيًّا بأن يصوم عنه أجزأ، كما في الحجّ، وقيل: يصحّ استقلال الأجنبيّ بذلك، وذِكرُ الوليّ؛ لكونه الغالب، وظاهر صنيع البخاريّ اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبو الطيب الطبريّ، وقوّاه بتشبيهه - صلى الله عليه وسلم - ذلك بالدين، والدينُ لا يختصّ بالقريب. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: عدم اختصاص القضاء بالوليّ هو الأرجح عندي، كما قال أبو الطيب الطبريّ رحمه الله، وكما هو ظاهر مذهب البخاريّ رحمه الله؛ لعدم ورود نصّ يمنع من ذلك، ولما ذكره أبو الطيّب رحمه الله، فتأمل، والله تعالى أعلم.

وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: هذا الحديث دليل بعمومه على أن الولي يصوم عن الميت، وأن النيابة تدخل في الصوم، وذهب إليه قوم، وهو قول قديم للشافعيّ، والجديد الذي عليه الأكثرون عدم دخول النيابة في الصوم؛ لأنها عبادة بدنية، والحديث لا يقتضي التخصيص بالنذر، كما ذكر أبو داود، عن أحمد بن حنبل، نعم قد ورد في بعض الأحاديث ما يقتضي الإذن في الصوم عمن مات وعليه نذر بصوم، وليس ذلك بمقتضى للتخصيص بصورة النذر.


= على الوجوب؛ لأن "صام عنه وليّه" خبر بمعنى الأمر، بل ورد بصيغة الأمر، والأمر للوجوب، ولا صارف له، وقد ذهب إليه طائفة من المحقّقين، وسيأتي تحقيقه، والله تعالى أعلم.
(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٦.