قال: وقد تكلم الفقهاء في أن المعتبر في الولاية ما ورد في لفظ الخبر، أهو مطلق القرابة، أو بشرط العصوبة والإرث، وتوقف في ذلك إمام الحرمين، وقال: لا نقل عندي في ذلك، وقال غيره من فضلاء المتأخرين: وأنت إذا فحصت عن نظائره وجدت الأشبه اعتبار الإرث.
قال: وقوله: "صام عنه وليه" قيل: ليس المراد أنه يلزمه ذلك، وإنما يجوز ذلك له إن أراد، هكذا ذكره صاحب "التهذيب" من مصنفي الشافعية، وحكاه إمام الحرمين عن الشيخ أبي محمد أبيه، وفي هذا بحث، وهو أن الصيغة صيغة خبر، أعني "صام"، ويمتنع الحمل على ظاهره، فينصرف إلى الأمر، ويبقى النظر في أن الوجوب يتوقف على صيغة الأمر المعينة، وهي "افْعَلْ" مثلًا، أو يعمّها مع ما يقوم مقامها.
قال الجامع عفا الله عنه: الظاهر يعم ما يقوم مقامها؛ لأنه بمعناها، فتأمل.
وقال الحافظ رحمه الله: قوله: "صام عنه وليه" خبر بمعنى الأمر، تقديره: فليصم عنه وليه، وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور، وبالغ إمام الحرمين، ومن تبعه، فادعوا الإجماع على ذلك، وفيه نظر؛ لأن بعض أهل الظاهر أوجبه، فلعله لم يعتدّ بخلافهم على قاعدته. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: عدم الاعتداد بخلاف أهل الظاهر مما أحدثه بعض المتأخّرين، فقد كان السلف من عهد داود الظاهريّ رحمه الله يعتدّون بهم، ويعقدون لهم مجالس للناظرة، وقد استوفيت هذا البحث في أبواب الطهارة من "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد علمًا.
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: وقد يؤخذ من الحديث أنه لا يصوم عنه الأجنبيّ، إما لأجل التخصيص مع مناسبة الولاية لذلك، وإما لأن الأصل عدم جواز النيابة في الصوم؛ لأنه عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة، فلا يدخلها بعد الموت كالصلاة، وإذا كان الأصل عدم جواز النيابة، وجب أن يُقْتَصَر فيها على ما ورد في الحديث، وَيجْرِي في الباقي على القياس، وقد قال أصحاب الشافعيّ: لوأمر الوليّ أجنبيًّا أن يصوم عنه بأجرة، أو بغير أجرة جاز، كما في الحجّ، فلو استقلّ به الأجنبي ففي إجزائه وجهان: أظهرهما المنع، وأما إلحاق غير الصوم بالصوم، فإنما يكون بالقياس، وليس أخذ الحكم منه من نصّ الحديث. انتهى كلام ابن دقيق العيد رحمه الله.