قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن رجّحت عدم اختصاص القضاء بالوليّ، كما قال أبو الطيب الطبريّ رحمه الله، وكما هو ظاهر مذهب الإمام البخاريّ رحمه الله؛ لعدم نصّ يمنع من ذلك، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - شبّهه بقضاء الدَّين، وهو لا يختصّ بالوليّ فقط، فكذا هذا، كما قال أبو الطيّب الطبريّ رحمه الله، فتأمل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٩/ ٢٦٩٢](١١٤٧)، و (البخاريّ) في "الصوم"(١٩٥٢)، و (أبو داود) في "الصوم"(٢٤٠٠) و"الأيمان والنذور"(٣٣١١)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٢/ ١٧٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ٦٩)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٣/ ٢٧١ - ٢٧٣)، و (ابن حبهان) في "صحيحه"(٣٥٦٩)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٢٢٣)، و (ابن الجارود) في "المنتقى"(١/ ٢٣٧)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٧/ ٣٩٠ و ٨/ ٢٠٠)، و (الدارقطنيّ) في "سننه"(٢/ ١٩٤ - ١٩٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٤/ ٢٥٥ و ٦/ ٢٧٩)، و (البغويّ) في "شرح السنة"(١٧٧٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم:
قال النوويّ رحمه الله: اختلفوا فيمن مات، وعليه صوم واجب، من رمضان، أو قضاء، أو نذر، أو غيره، هل يُقْضَى عنه؟ وللشافعيّ في المسألة قولان مشهوران: أشهرهما لا يصام عنه، ولا يصحّ عن ميت صوم أصلًا، والثاني: يستحب لوليه أن يصوم عنه، ويصح صومه عنه، ويبرأ به الميت، ولا يحتاج إلى إطعام عنه، وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققوأصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث؛ لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، وأما الحديث الوارد:"من مات وعليه صيام أُطْعِم عنه"، فليس بثابت، ولو ثبت أَمْكَن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث، بأن يُحْمَل على جواز الأمرين، فإن من يقول بالصيام يجوز عنده الإطعام، فثبت أن الصواب