قال: هذا تلخيص مذهبنا في المسألة، وممن قال به من السلف: طاوسٌ، والحسن البصريّ، والزهريّ، وقتادة، وأبو ثور، وبه قال الليث، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد في صوم النذر، دون رمضان وغيره.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يصام عن ميت، لا نذر، ولا غيره، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، ورواية عن الحسن، والزهريّ، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، قال القاضي عياض وغيره: هو قول جمهور العلماء، وتأولوا الحديث على أنه يُطعِم عنه وليه، وهذا تأويل ضعيفٌ، بل باطلٌ، وأيّ ضرورة إليه، وأيُّ مانع يمنع من العمل بظاهره، مع تظاهر الأحاديث، مع عدم المعارض لها.
قال القاضي، وأصحابنا: وأجمعوا على أنه لا يصلى عنه صلاة فائتة، وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته، وإنما الخلاف في الميت، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).
وقال في "الفتح": وقد اختَلَف السلف في هذه المسألة، فأجاز الصيام عن الميت أصحاب الحديث، وعلَّق الشافعيّ في القديم القول به على صحة الحديث، كما نقله البيهقيّ في "المعرفة"، وهو قول أبي ثور، وجماعة، من محدثي الشافعية، وقال البيهقيّ في "الخلافيات": هذه المسألة ثابتةٌ، لا أعلم خلافًا بين أهل الحديث في صحتها، فوجب العمل بها، ثم ساق بسنده إلى الشافعيّ، قال: كلُّ ما قلتُ، وصحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خلافه، فخذوا بالحديث، ولا تقلدوني.
وقال الشافعيّ في الجديد: ومالكٌ، وأبو حنيفة: لا يصام عن الميت.
وقال الليث، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: لا يصام عنه إلا النذر، وأما رمضان فيُطْعَم عنه.
وإنما قالوا في النذر فقط؛ حملًا للعموم الذي في حديث عائشة - رضي الله عنها - على المقيّد في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.