للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومُدرجةَ، فالحكم بكونها مقبولة مردود، وعلى تقدير أن تكون محفوظة يُحمَل القضاء على الندب.

قال البيهقيّ: وحَمَلَ الشافعيّ قوله: "سأصوم يومًا مكانه"؛ أي تطوّعًا، وجعله بمثابة قهضائه -صلى الله عليه وسلم- الركعتين اللتين بعد الظهر حين شغله عنهما الوفد. انتهى ما كتبه صاحب "المرعاة" رحمه الله (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا.

وحاصله أن زيادة: "أصوم يومًا مكانه" غير صحيحة؛ لما سبق من الأدلّة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

واحتجّوا أيضًا بما رواه البخاريّ في "صحيحه" من طريق أبي العُمَيس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: آخى النبي -صلى الله عليه وسلم-، بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلَة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء، ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصلّيا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "صدق سلمان".

وأجاب القرطبيّ عن هذا بأن إفطار أبي الدرداء كان لقسَم سلمان، ولعذر الضيافة.

وتُعُقّب بأن هذا يتوقّف على أن هذا العذر من الأعذار التي تُبيح الإفطار، وقد نَقَل ابن التين عن مذهب مالك أنه لا يُفطر لضيف نَزَل به، ولا لمن حلف عليه بالطلاق والْعَتَاق (٢).


= والصواب أنه قال: "ولم يصلّ عليه"، وفي موضع يُتوقَّف في الزيادة، كما في أحاديث كثيرة. انتهى كلام الزيلعيّ رحمه الله، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
(١) "المرعاة شرح المشكاة" ٧/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٢) "المرعاة" ٧/ ١٠٥.