١ - (منها): بيان أن من أكل، أو شَرِب ناسيًا لا يُفطر، بل يُتمّ صومه، ولا قضاء عليه، وسيأتي في المسألة التالية بيان اختلاف العلماء في ذلك -إن شاء الله تعالى-.
٢ - (ومنها): أنه لا فرق بين قليل الأكل وكثيرة، وقد روى الإمام أحمد رحمه الله لهذا الحديث سبباً، فأخرج من طريق أم حكيم بنت دينار، عن مولاتها أم إسحاق، أنها كانت عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأتي بقَصْعَة من ثريد، فأكلت معه، ثم تذكرت أنها كانت صائمةً، فقال لها ذو اليدين: الآن بعدما شبعتِ؟ فقال لها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه الله إليك"، لكن الحديث في سنده بشّار بن عبد الملك، وثّقه ابن حبّان، وضعّفه أبو زرعة الدمشقيّ.
٣ - (ومنها): بيان لطف الله بعباده، والتيسير عليهم، ورفع المشقة والحرج عنهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف أهل العلم في حكم من أكل، أو شرب ناسيًا لصومه: ذهب الجمهور: أبو حنيفة، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، والأوزاعيّ، والثوريّ، وعطاءٌ، وطاوس إلى أن من أكل، أو شرب ناسيًا لصومه، فإنه لا يُفطر، ولا يجب عليه القضاء.
وذهب مالك إلى أنه يبطل صومه، ويجب عليه القضاء، وهو قول شيخه ربيعة الرأي، وجميع أصحاب مالك، لكنهم فرّقوا بين الفرض والنفل.
واحتجّ الجمهور بحديث الباب؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أَمره بالإتمام، وسَمّى الذي يُتمّه صومًا، والظاهر حمله على الحقيقة الشرعيّة، فيُتمسّك به حتى يدلّ دليلٌ على أن المراد بالصوم هنا حقيقته اللغويّة، وإذا كان صومًا وقع مجزئًا، ويلزم من ذلك عدم وجوب القضاء، كذا قرّره ابن دقيق العيد رحمه الله، قال: وقوله: "فإنما أطعمه الله وسقاه" يُستدلّ به على صحّة الصوم، فإن فيه إشعارًا بأن الفعل الصادر منه مسلوب الإضافة إليه، والحكم بالفطر يلزمه الإضافة إليه. انتهى (١).