واستَدَلّ من ذهب إلى الفطر، وإيجاب القضاء بأن ركن الصوم، وهو الإمساك عن المفطّرات فات، فإذا فات ركنه فسد صومه كيف ما كان، قال ابن دقيق العيد: ذهب مالك إلى إيجاب القضاء، وهو القياس، فإن الصوم قد فات ركنه، وهو من باب المأمورات، والقاعدة تقتضي أن النسيان لا يؤثّر في باب المأمورات.
قال في "الفتح": قال ابن العربيّ: تمسّك جميع فقهاء الأمصار بظاهر هذا الحديث، وتطلّع مالك إلى المسألة من طريقها، فأشرف عليه؛ لأن الفطر ضدّ الصوم، والإمساك ركن الصوم، فاشبه ما لو نسي ركعة من الصلاة (١)، قال: وقد رَوَى الدارقطنيّ فيه: "لا قضاء عليك"، فتأوله علماؤنا على أن معناه: لا قضاء عليك الآن، وهذا تعسّف، وإنما أقول: ليته صحّ فنتبعه، ونقول به، إلا على أصل مالك في أن خبر الواحد إذا جاء بخلاف القواعد، لم يُعْمَل به، فلما جاء الحديث الأول الموافق للقاعدة في رفع الإثم عملنا به، وأما الثاني فلا يوافقها، فلم نعمل به.
وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: احتَجَّ به من أسقط القضاء.
وأجيب بأنه لم يتَعَرَّض فيه للقضاء، فَيُحْمَل على سقوط المؤاخذة؛ لأن المطلوب صيام يوم لا خَرْمَ فيه، لكن رَوَى الدارقطنيّ فيه سقوط القضاء، وهو نَصٌّ لا يَقْبَل الاحتمال، لكن الشأن في صحته، فإن صحّ وجب الأخذ به، وسقط القضاء. انتهى.
وأجاب بعض المالكية بحمل الحديث على صوم التطوع، كما حكاه ابن التين، عن ابن شعبان، وكذا قال ابن القصار، واعتَل بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان، فَيُحْمَل على التطوع.
وقال المهلب وغيره: لم يذكر في الحديث إثبات القضاء، فَيُحْمَل على سقوط الكفارة عنه، وإثبات عذره، ورفع الإثم عنه، وبقاء نيته التي بيّتها. انتهى.
والجواب عن ذلك كله بما أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم،