للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدارقطنيّ، من طريق محمد بن عبد الله الأنصاريّ، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، بلفظ: "من أفطر في شهر رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه، ولا كفارة"، فعَيَّن رمضان، وصرَّح بإسقاط القضاء.

قال الدارقطنيّ: تفرّد به محمد بن مرزوق، عن الأنصاريّ.

وتُعُقّب بأن ابن خزيمة أخرجه أيضا عن إبراهيم بن محمد الباهليّ، وبأن الحاكم أخرجه من طريق أبي حاتم الرازيّ، كلاهما عن الأنصاريّ، فهو المنفرد به، كما قال البيهقيّ، وهو ثقةٌ، والمراد أنه انفرد بذكر إسقاط القضاء فقط، لا بتعيين رمضان، فإن النسائيّ أخرج الحديث من طريق عليّ بن بكار، عن محمد بن عمرو، ولفظه في الرجل يأكل في شهر رمضان ناسياً: "فقال: الله أطعمه وسقاه".

وقد ورد إسقاط القضاء من وجه آخر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أخرجه الدارقطنيّ من رواية محمد بن عيسى بن الطباع، عن ابن عُلَيَّة، عن هشام، عن ابن سيرين، ولفظه: "فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه"، وقال بعد تخريجه: هذا إسناد صحيحٌ، وكلهم ثقات.

قال الحافظ: لكن الحديث عند مسلم وغيره من طريق ابن علية، وليس فيه هذه الزيادة.

ورَوَى الدارقطنيّ أيضًا إسقاط القضاء، من رواية أبي رافع، وأبي سعيد المقبريّ، والوليد بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار، كلهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

وأخرج أيضًا من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - رفعه: "من أكل في شهر رمضان ناسياً، فلا قضاء عليه"، وإسناده وإن كان ضعيفاً لكنه صالح للمتابعة، فاقل درجات الحديث بهذه الزيادة أن يكون حسناً، فيصلح للاحتجاج به.

وقد وقع الاحتجاج في كثير من المسائل بما هو دونه في القوّة، وَيعْتَضِد أيضًا بأنه قد أفتَى به جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - من غير مخالفة لهم، منهم - كما قاله ابن المنذر، وابن حزم، وغيرهما -: عليّ بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وابن عمر، ثم هو موافق لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} الآية [البقرة: ٢٢٥] فالنسيان ليس من كسب القلب، وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل، لا بنسيانه، فكذلك الصيام.