للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من عمله" (١)؛ أي إن أجره في نيته أكثر من أجر عمله؛ لامتداد نيته بما لا يقدر على عمله. انتهى.

قال الحافظ: والحديث المذكور ضعيفٌ، وهو في "مسند الشهاب"، والتأوبل المذكور لا بأس به.

ويَحْتَمِل أيضاً إجراء الحديث على ظاهره، والسبب فيه أنه كلما ازداد من الصوم ازداد من المشقة الحاصلة بسببه المقتضية لتفويت بعض الأجر الحاصل من العبادات التي قد يفوتها مشقة الصوم، فينقص الأجر باعتبار ذلك، على أن قوله في نفس الخبر: "صُمْ أربعة أيام، ولك أجر ما بقي"، يَرُدّ الحمل الأول، فإنه يلزم منه على سياق التأويل المذكور أن يكون التقدير: ولك أجر أربعين، وقد قيّده في نفس الحديث بالشهر، والشهر لا يكون أربعين، وكذلك قوله في رواية أخرى للنسائيّ، من طريق ابن أبي ربيعة، عن عبد الله بن عمرو، بلفظ: "صُمْ من كل عشرة أيام يوماً، ولك أجر تلك التسعة، ثم قال فيه: من كل تسعة أيام يوماً، ولك أجر تلك الثمانية، ثم قال: من كل ثمانية أيام يوماً، ولك أجر السبعة، قال: فلم يزل حتى قال: صُمْ يوماً، وأفطر يوماً".

وله من طريق شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن جدّه بلفظ: "صُمْ يوماً، ولك أجر عشرة، قلت: زدني، قال: صم يومين، ولك أجر تسعة، قلت: زدني، قال: صم ثلاثة، ولك أجر ثمانية"، فهذا يدفع في صدر ذلك التأويل الأول، والله أعلم. انتهى (٢).

(وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ؛، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ") أي أفضلها، كما بيّنه بقوله: "لا أفضل من ذلك"، وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "وهو أعدل الصيام"؛ أي من جهة حفظ القوة، ووجدان صوم مشقة العبادة، وإذا كان أعدل في نفسه فهو عند الله أفضل وأحب، ولا صوم فوقه أعدل في الفضل، كما جاءت هذه


(١) حديث ضعيف، أخرجه الطبرانيّ من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -، ولفظه: "نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، وكلٌّ يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملاً نار في قلبه نور".
(٢) "الفتح" ٥/ ٣٩٥ - ٣٩٦.