أبي النعمان لَمّا حَدَّث به البخاريّ وإلا فقد رواه الْجَوْزقيّ من طريق أحمد بن يوسف السلميّ، عن أبي النعمان بدون ذلك، وهو الصواب، ونَقَل الحميديّ عن البخاريّ أنه قال: إن شعبان أصحّ، وقيل: إن ذلك ثابت في بعض الروايات في "الصحيح"، وقال الخطابيّ: ذكرُ رمضان هنا وَهَمٌ؛ لأن رمضان يتعيّن صوم جميعه، وكذا قال الداوديّ، وابن الجوزيّ، ورواه مسلم أيضاً من طريق ابن أخي مُطَرِّف، عن مُطَرِّف بلفظ:"هل صُمْتَ من سَرَر هذا الشهر شيئاً؟ " يعني شعبان، ولم يقع ذلك في رواية هْدبة، ولا عبد الله بن محمد بن أسماء، ولا فِطْر بن حماد، ولا عَفّان، ولا عبد الصمد، ولا غيرهم عند أحمد، ومسلم، والإسماعيليّ، وغيرهم، ولا في باقي الروايات عند مسلم.
وَيحْتَمِل أن يكون قوله:"رمضان" في قوله: "يعني رمضان" ظرفاً للقول الصادر منه - صلى الله عليه وسلم - لا لصيام المخاطب بذلك، فيوافق رواية الجريريّ، عن مطرِّف، فإن فيها عند مسلم:"فقال له: فإذا أفطرت من رمضان، فصم يومين مكانه".
قال أبو عبد الله البخاريّ: وقال ثابث، عن مطرّف، عن عمران، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من سَرَرِ شعبان"، وزاد في نسخة الصغانيّ هنا: قال أبو عبد الله: وشعبان أصحّ. انتهى.
(قَالَ) الرجل (لَا) أي لم أصم سرره (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَإِذَا أَفْطَرْتَ) يعني من صوم رمضان، كما بُيّن في الرواية التالية، وهذا ظاهر في أن السؤال وقع في شهر رمضان (فَصُمْ يَوْمَيْنِ") أي مكان ما تركته من صوم السرر.
قال الخطابيّ: قال بعض أهل العلم: سؤاله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك سؤال زجر وانكار؛ لأنه قد نَهَى أن يُستَقبَل الشهر بيوم أو يومين.
وتُعُقّب بأنه لو أنكر ذلك لم يأمره بقضاء ذلك.
وأجاب الخطابيّ باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه، فلذلك أمره بالوفاء، وأن يقضي ذلك في شوال. انتهى.
وقال ابن الْمُنَيِّر في "الحاشية": قوله: "سؤال إنكار" فيه تكلُّف، ويدفع في صدره قول المسئول: لا يا رسول الله، فلو كان سؤال إنكار، لكان - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر عليه أنه صام، والفرض أن الرجل لم يصم، فكيف يُنكِر عليه فعل ما لم يفعله؟.