للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا أفطر فطراً يمنع جوعه وعطشه (أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ: "لَمْ يَصُمْ، وَلَمْ يُفْطِرْ") قال في "شرح السنة": معناه الدعاء عليه؛ زجراً له، ويجوز أن يكون إخباراً، قال المظهر: يعني أن هذا الشخص كأنه لم يفطر؛ لأنه لم يأكل شيئاً، ولم يصم لأنه لم يكن بأمر الشارع. انتهى.

وهذا كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: "لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد"، متّفقٌ عليه، وقد تقدّم.

(قَالَ) عمر - رضي الله عنه - (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ، وَيُفْطِرُ يَوْماً؟) بأن يجعل العبادة غالبة على العادة (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟ ") بتقدير الاستفهام؛ أي أتقول ذلك، ويطيق ذلك أحد؟، قال القاري: وفيه إشارة إلى أن العلة في نهي صوم الدهر إنما هو الضعف، فيكون المعنى: إنه إن أطاقه أحد فلا بأس، أو فهو أفضل. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن الأرجح النهي عن صوم الدهر مطلقاً؛ لوضوح أدلّته، فتنبّه.

(قَالَ) عمر (كيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً؟، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ") أي وهو في غاية من الاعتدال، ومراعاةٌ لجانبي العبادة والعادة بأحسن الأحوال (قَالَ) عمر (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟) إبقاءً للبدن عن الضعف؛ ليتقوى على سائر العبادات (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَدِدْتُ") بكسر الدال الأول، وأجاز بعضهم فتحها، وتقدّم تمام البحث في ذلك؛ أي أحببتُ (أَنِّي) بفتح الهمزة؛ لوقوعها في موضع المفعول به (طُوِّقْتُ ذَلِكَ") ببناء الفعل للمفعول؛ أي جعلني الله مُطيقاً الصيام المذكور، وقال الطيبيّ: أي لم تشغلني الحقوق عن ذلك حتى أصومَ، لا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يُطيق؛ لأنه كان يُطيق أكثر من ذلك، فكان - صلى الله عليه وسلم - يواصل ويقول: "إني لست كأحدكم … ". انتهى (٢).

وقال القاضي عياض حُسْنُ السؤال نصف العلم: قيل: معناه: ودِدْتُ أن أمتي تطوقه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم -


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤٧٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٠٨.