للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القاري بعد نقل ما ذُكر: ونوقش بأن ما ذكره في الآية من تغليب الليالي ظاهر؛ لأنها معدودة من العِدّة، وفي "صمتُ عشراً" نظر ظاهر؛ لأن الليالي لا اعتبار لها في الصوم بوجه؛ لأنها لا تقبله، فلا وجه له فيها.

ويمكن دفعه بأنه الملابسة بينهما، لا سيما على القول بأنه لا بدّ من إدراك جزء من الليالي في طرفي يوم الصوم. انتهى (١).

(مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) أي صيام ثلاثة أيام، قيل: هو أيام البيض، وقيل: من صام أيّ ثلاث يجد هذا الثواب، وهو الصحيح؛ لما تقدّم من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "لم يكن يبالي من أيّ أيام الشهر يصوم".

(وَرَمَضَانُ) أي صيام رمضان من كلّ سنة، منتهيّا (إِلَى رَمَضَانَ) قال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: القياس انصرافهما، لكن ضُبِط في النسخ المصححة غير منصرفين. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أراد القاري -رَحِمَهُ اللهُ- أن حقّ "رمضان" هنا الصرف؛ لتنكيره، حيث لم يرد به معيّن، وحقّ ما مُنع من الصرف للعلميّة مع علّة أخرى إذا نُكر صُرف، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في "خلاصته":

.... وَاصْرِفَنْ مَا نُكِّرَا … مِنْ كُلِّ مَا التَّعْرِيفُ فِيهِ أُثَّرَا

(فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أدخل الفاء في الخبر؛ لتضمّن المبتدأ معنى الشرط، وذلك أن "ثلاثٌ" مبتدأ، و"من كلّ شهر" صفته؛ أي ثلاثة أيام يصومها الرجل من كلّ شهر صيام الدهر كلّه. انتهى. (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ) قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللهُ-: الاحتساب في الأعمال الصالحة هو البِدار إلى طلب الأجر، وتحصيله باستعمال أنواع البرّ، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها؛ طلباً للثواب المرجوّ فيها.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كان الأصل أن يقال: أرجو من الله أن يكفّر، فوضع موضعه "أحتسب"، وعدّاه بـ "على" التي هي للوجوب على سبيل الوعد؛ مبالغة في حصول الثواب. انتهى (٢).


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤٧٤.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٠٨.