للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الأخير هو العمدة، وحاصله أنه إنما اعتمد على الرؤيا من أجل أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقرّه، وأمر بالاعتماد عليها، فيكون من الأمور الثابتة بالنصّ، فلا إشكال، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): بيان أن توافق جماعة على رؤيا واحدة دالّ على صدقها وصحتها، كما تستفاد قوّة الخبر من التوارد على الإخبار من جماعة.

٤ - (ومنها): أن قوله: "من كان متحريها" يدلّ على أن قيام ليلة القدر نافلة، غير واجب، لكنها فضل (١).

٥ - (ومنها): أن فيه من وجوه العلم أن ليلة القدر لم يُعْطَها إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته.

٦ - (ومنها): أن فيه أن أعمار من مضى كانت أطول من أعمارنا.

٧ - (ومنها): بيان بقاء ليلة القدر، واستمرارها، وأنها لم تُرْفَع، قال النوويّ: وأجمع من يُعْتَدّ به على وجودها، ودوامها إلى آخر الدهر؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة، قال القاضي عياض: وشذّ قوم، فقالوا: رُفِعت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - حين تلاحى الرجلان: "فرُفِعت"، وهذا غلطٌ من هؤلاء الشاذين؛ لأن آخر الحديث يَرُدّ عليهم، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وعسى أن يكون خيراً لكم، التمسوها في السبع والتسع"، هكذا هو في أول "صحيح البخاريّ، وفيه تصريح بأن المراد برفعها رفع بيان علم عينها، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها. انتهى.

وقال في "شرح المهذب": وكذا حكى أصحابنا هذا القول عن قوم لم يسمّهم الجمهور، وسماهم صاحب "التتمة"، فقال: هو قول الروافض. انتهى (٢).

٨ - (ومنها): أن فيه فضل ليلة القدر، وذلك من اسمها، ومن الأمر بتحريها وطلبها، وقد أفصح به القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)} [القدر: ١] الآية، وهو مُجْمَعٌ عليه، وقد خَصّ الله تعالى بها هذه الأمة، فلم تكن من قبلهم على الصحيح المشهور، واختُلِف في سبب ذلك،


(١) "الاستذكار" ٣/ ٤١٧.
(٢) "طرح التثريب" ٤/ ١٥١.