للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال وليّ الدين: حتى يثبت له أصل، نعم المرسل الذي ذكرناه من عند البيهقيّ يشهد له. انتهى (١).

٩ - (ومنها): ما قال الشيخ ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللهُ- في "شرح العمدة": فيه دليل على عِظَم الرؤيا، والاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجوديات، وعلى ما لا يخالف القواعد الكلية من غيرها، وقد تكلم الفقهاء فيما لو رأى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وأمره بأمر، هل يلزم ذلك؟ وقيل فيه: إن ذلك إما أن يكون مخالفاً لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام في اليقظة، أو لا، فإن كان مخالفاً عَمِل بما ثبت في اليقظة؛ لأنا وإن قلنا إن من رأى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على الوجه المنقول من صفته، فرؤياه حق، فهذا من قبيل تعارض الدليلين، والعمل بأرجحهما، وما ثبت في اليقظة، فهو أرجح، وإن كان غير مخالف لما ثبت في اليقظة، ففيه خلاف، والاستناد إلى الرؤيا هنا في أمر ثبت استحبابه مطلقاً، وهو طلب ليلة القدر، وإنما ترجح السبع الأواخر بسبب المرائي الدالة على كونها في السبع الأواخر، وهو استدلال على أمر وجوديّ لزمه استحباب شرعيّ مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي، مع كونه غير مناف للقاعدة الكلية الثابتة من استحباب طلب ليلة القدر. انتهى.

ونقل ابن الصلاح في "فوائد الرحلة"، عن كتاب "آداب الجدل" لأبي إسحاق الإسفرايينيّ وجهين فيما إذا رأى شخص النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في النوم، وقال له: غداً من رمضان، هل يَعْمَل به أم لا؟ وحكى القاضي عياض الإجماع على أنه لا يَعْمَلُ به، ذكره وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ- (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا.

١٠ - (ومنها): ما قال العلماء -رحمهم الله تعالى -: الحكمة في إخفاء ليلة القدر؛ أن يحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عُيِّنت لها ليلة لاقتصر عليها، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة، وهذه الحكمة مُطَّردة عند من يقول: إنها في جميع السنة، وفي جميع رمضان، أو في جميع العشر الأخير، أو في أوتاره خاصّةً، إلا أن الأول، ثم الثاني أليق به، قاله في "الفتح" (٣).


(١) "طرح التثريب" ٤/ ١٥٠ - ١٥١.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٤/ ١٥٢.
(٣) "الفتح" ٥/ ٤٦٩.