للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأمطرت، وأمطرت بالألف لا غير في العذاب، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١). (لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ) بنصب "ليلة" على الظرفيّة لـ"مُطِرنا" (فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ) قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وَكَفَ البيت بالمطر، والعينُ بالدمع وَكْفًا، من باب وَعَدَ، ووُكُوفًا، ووَكِيفًا: سأل قليلًا قليلًا، ويجوز إسناد الفعل إلى الدفع، وأوكف بالألف لغة. انتهى (٢).

والمعنى هنا: أي قطَرَ، وسال ماء المطر من سقف المسجد، فهو من باب ذكر المحلّ، وإرادة الحالّ (فِي مُصَلَّى) بضمّ الميم، وفتح اللام المشدّدة: أي مكان سجود (رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ) - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: (وَقَد انْصَرَفَ) جملة حاليّة من الضمير المجرور (مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ) وقوله: (وَوَجْهُهُ مُبْتَلٌّ) جملة حاليّة من فاعل "انصرف"، و"الْمُبتلّ" بضمّ الميم، وتشديد اللام: اسم مفعول من ابْتَلّ، وفي الرواية: "ممتلئًا طينًا وماءً"، وقوله: (طينًا وَمَاءً) منصوب على التمييز.

وحاصل المعنى: أن أبا سعيد رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حينما انصرف من صلاة الصبح قد ابتلّ وجهه بالطين والماء، تصديقًا لما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - من علامة ليلة القدر في تلك السنة بقوله: "وقد رأيتني أسجُدُ في ماء وطين".

وقال النوويّ: قال البخاريّ: وكان الحميديّ يحتجّ بهذا الحديث على أن السنة للمصلي أن لا يمسح جبهته في الصلاة، وكذا قال العلماء: يستحب أن لا يمسحها في الصلاة، وهذا محمول على أنه كان شيئًا يسيرًا لا يمنع مباشرة بشرة الجبهة للأرض، فإنه لو كان كثيرًا بحيث يمنع ذلك لَمْ يصح سجوده عند الشافعيّ وموافقيه في منع السجود على حائل متصل به. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن السجود مع الحائل المتّصل جائز؛ لهذا الحديث، وللأدلّة التي تقدّمت في موضعها، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٧٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ٦١.