للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أم سلمة - رضي الله عنهما -: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَعْلَم ليلة القدر؟ فقالت: لا، لو عَلِمها لَمَا قام الناس غيرها. انتهى.

قال الحافظ: وهذا قالته احتمالًا، وليس بلازم؛ لاحتمال أن يكون التعبد وقع بذلك أيضًا، فيحصل الاجتهاد في جميع العشر، كما تقدم.

قال: واستَنبَط السبكيّ الكبير - رَحِمَهُ اللهُ - في "الحلبيات" من هذه القصة استحبابَ كتمان ليلة القدر لمن رآها، قال: ووجه الدلالة أن الله قَدَّر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه لَمْ يخبر بها، والخير كله فيما قُدِّر له، فيستحب اتّباعه في ذلك.

وذكر في "شرح المنهاج " ذلك عن "الحاوي" قال: والحكمة فيه أنَّها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها، بلا خلاف بين أهل الطريق، من جهة رؤية النفس، فلا يأمن السلب، ومن جهة أن لا يأمن الرياء، ومن جهة الأدب، فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها، وذِكرِها للناس، ومن جهة أنه لا يَأُمَن الحسد، فيوقع غيره في المحذور، ويُستأنَس له بقول يعقوب: {يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [يوسف: ٥] الآية. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٧٧٠] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا ابْنُ أبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ التَّيِ فِي وَسَطِ الشَهْرِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أنهُ قَالَ: "فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ"، وَقَالَ: وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا (٢) طينًا وَمَاءً).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (ابْن أَبِي عُمَرَ) هو: محمد بن يحيى بن أبي عُمر الْعَدنيّ، ثم المكيّ، ثقةٌ [١٠] (ت ٢٤٣) (م ت س ق) تقدم في "المقدمة" ٥/ ٣١.


(١) "الفتح" ٤/ ٢٨٦.
(٢) وفي نسخة: "وجبينه ممتلئٌ".