للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نكيرهم على قول الحسن قال لهم: اعتزلوا عنّا. انتهى كلام الطيبيّ (١).

(الشَّيْطَانُ) قال الأبّيّ رحمه الله تعالى: الأظهر في الشيطان أنه إبليس؛ لقوله: "فأبيتُ"، قال: ولا يمتنع أن يكون بكاؤه حقيقةً لأنه جسم، ولا يتّفق له هذا دائمًا؛ لأن "إذا" ليست من ألفاظ العموم. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: وبكاء إبليس المذكور في الحديث ليس نَدَمًا على معصية ولا رجوعًا عنها، وإنما ذلك لفرْطِ حسده وغيظه، وألمه مما أصابه من دخول أحد من ذرّيّة آدم عليه السلام الجنّة ونجاته بالسبب الذي عصى هو به، وذلك نحو ما يعتريه عند الأذان والإقامة ويوم عرفة، على ما يأتي في محلّه - إن شاء الله تعالى - (٣).

[تنبيه]: قال السمين الحلَبيّ رحمه الله تعالى: "الشيطان": المتمرّد من الجنّ، وقال أبو عُبيدة: الشيطان اسم لكلّ عارم من الجنّ والإنس والحيوانات، وقد يُطلَقُ على كلّ قُوّة ذميمة في الإنسان، كما رُوي: "الحسدُ شيطان، والغضبُ شيطان" (٤)، وذلك لأنهما ينشآن عنه.

واختَلَفَ أهل اللغة في اشتقاقه، فقال جمهورهم: هو مشتقّ من شَطَنَ يَشْطُنُ: أي بَعُدَ؛ لأنه بعيد من رحمة الله تعالى، وأنشدُوا [من الوافر]:

نَأَتْ بِسُعَادَ عَنْكَ شَطُونٌ … فَبَانَتْ وَالْفُؤَادُ بِهَا رَهِينُ

وقال آخر [من الخفيف]:

أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ … ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالأَكْبَالِ

وحَكَى سِيبويه: تَشَيْطَنَ: أي فعل فعل الشياطين، فهذا كلّه يدلّ على أنه من شَطَنَ؛ لثبوت النون وسقوط الألف في تصاريف الكلمة، ووزنه على هذا فَيْعَالٌ.

وقيل: هو مشتقّ من شاط يَشيطُ: أي هاج، واختَرَقَ، ولا شكّ أن هذا المعنى موجود فيه، فأخذوا بذلك أنه مشتقّ من هذه المادّة، لكن لم يُسمع في


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ١٠٢٦.
(٢) "إكمال إكمال المعلم" ١/ ١٨٧.
(٣) "المفهم" ١/ ٢٧٤.
(٤) لم أر من أخرجه.