للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تصاريفه إلا ثابتَ النون محذوف الألف كما تقدّم، ووزنه على هذا فَعْلان، ويترتّب على القولين صرفه وعدم صرفه إذا سُمّي به، وأما إذا لم يُسمّ به فإنه منصرفٌ البتّةَ؛ لأن من شرط امتناع فَعْلان الصفةِ أن لا يُؤَنَّثَ بالتاء، وهذا يؤنّث بها، فيقال: شيطانةٌ. انتهى (١).

وقوله: (يَبْكِي) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "اعتَزَلَ"، وكذا قوله: (يَقُولُ) فهما حالان مترادفان أو متداخلان.

(يَا وَيْلَهُ) دُعاءٌ بالويل، وأصل الكلمة "وَيْ" وُصلت بـ"له"، و"الويل": الحزن والهلاك، وهي كلمة تقال: لمن وقع في هَلَكَة، ومعنى النداء فيه: يا حزني، ويا هلاكي احضر فهذا أوانك، كأنه ناداه لما عَرَضَ له من الأمر الفظيع، وهو الندم على ترك السجود لآدم عليه السلام، ولعلّ نداء الويل للتحزّن على ما فاته من الكرامة، وحصول اللعن والطرد والخيبة في الدارين، وللحسد على ما حصل لابن آدم من القرب والكرامة والفوز في الدارين (٢).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: قوله: "يا ويله" هو من آداب الكلام، وهو أنه إذا عَرَضَ في الحكاية عن الغير ما فيه سُوء واقتضت الحكايةُ رجوعَ الضمير إلى المتكلم، صَرَفَ الحاكي الضمير عن نفسه تصاونًا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه. انتهى (٣).

وقوله: (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ) أراد به بيان الخلاف بين شيخيه، فأما أبو بكر فقال في روايته: "يا ويله" بَضمير الغائب، وأما أبو كُريب، فقال في روايته: (يَا وَيْلِي) بضمير المتكلّم، ويجوز فيه من حيث اللغة فتح لامه وكسرها، كما في نظائره (٤).

ووقع في "مختصر القرطبيّ لصحيح مسلم" بلفظ: "يا ويلتا"، فقال القرطبيّ: والألف فيه للندبة والتفجّع. انتهى (٥).


(١) "الدرّ المصون في علوم الكتاب المكنون" ١/ ١٠ - ١١.
(٢) راجع: "لسان العرب" ١١/ ٧٣٩، و"الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ١٠٢٦ - ١٠٢٧.
(٣) "شرح مسلم" ٢/ ٧١.
(٤) "الصيانة" ص ٢٦٠.
(٥) "المفهم" ١/ ٢٧٤.