للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حقّ ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه"، لفظ ابن ماجه (١).

قال القرطبيّ: ومعنى "القتب" أن العرب يَعِزّ عندهم وجود كُرْسيّ للولادة، فيحملون نساءهم على القَتَبِ عند الولادة (٢).

قال: وهذا السجود المنهي عنه، قد اتَّخَذه جُهّال المتصوفة عادةً في سماعهم، وعند دخولهم على مشايخهم، واستغفارهم، فَيَرَى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه يسجد للأقْدَمِ؛ لجهله، سواء أكان للقبلة أم غيرها، جهالةً منه، ضَلّ سعيهم، وخاب عملهم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى (٣)، وهو تحقيقٌ مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله تعالى: مقصود مسلم رحمه الله تعالى بذكر هذين الحديثين - يعني حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا، وحديث جابر - رضي الله عنه - بعده - هنا أن من الأفعال ما تركه يوجب الكفر، إما حقيقةً، وإما تسميةً.

فأما كفر إبليس بسبب السجود، فمأخوذ من قول الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤) قال الجمهور: معناه: وكان في علم الله تعالى من الكافرين، وقال بعضهم: وصار من الكافرين، كقوله تعالى: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: ٤٣].

وأما تارك الصلاة، فإن كان منكرًا لوجوبها، فهو كافر بإجماع المسلمين، خارجٌ من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط


(١) حديث حسن صحيح، انظر: "صحيح ابن ماجه" للشيخ الألباني رحمه الله تعالى ١/ ٣١٢ حديث (١٥٠٣).
(٢) هكذا فسّر القرطبيّ "القَتَبَ"، والمشهور أن القتب بكسر، فسكون، أو بالتحريك، وهو الأكثر: الإكاف، أو الرَّحْلُ الصغير على قدر سَنَامِ البعير، جمعه أقتاب.
انظر: "القاموس" ص ١١٣.
(٣) "الجامع لأحكام القرآن" ١/ ٢٩٣ - ٢٩٤.