للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ العراقيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح الترمذيّ": ولا يُعرف ذلك لغير عطاء، إلَّا أن الطحاويّ روى في "بيان المشكل" أن عمر - رضي الله عنه - رأى على عبد الرَّحمن بن عوف - رضي الله عنه - خفّين، وهو محرم، فقال: وخفّين أيضًا، وأنت محرم؟ فقال: فعلته مع من هو خير منك. قال العراقيّ: فلعلّ هذا مستند عطاء، ويحتمل عدم وجدان عبد الرَّحمن للنعلين. انتهى (١).

٣ - (ومنها): بيان أنه لا يجوز للمحرم لبس الخفين المقطوعين إلَّا عند فقد النعلين، وهو الراجح من أقوال أهل العلم، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.

٤ - (ومنها): بيان تحريم لبس الثياب المصبوغة بالورس والزعفران للمحرم.

[تنبيه]: قال العلماء -رحمهم الله تعالى -: الحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم، ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفّه، ويتّصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكّر أنه محرم في كلّ وقت، فيكون أقرب إلى كثرة أذكاره، وأبلغ في مراقبته، وصيانته لعبادته، وامتناعه من ارتكاب المحظورات، وليتذكّر به الموت، ولباس الأكفان، وليتذكّر البعث يوم القيامة، حفاة، عُراة، مهطعين إلى الداعي. ذكره وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في لبس الخفيّن لمن لَمْ يجد النعلين:

ذهبت طائفة إلى أن من لَمْ يجد نعلين يجوز له لبمس الخفّين بشرط قطعهما حتى يكونا أسفل من الكعين، وبهذا قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعيّ، والجمهور، وهو رواية عن أحمد، والمشهور عنه جواز لبسهما بحالهما عند فقد النعلين، ولا يجب قطعهما. واستدلّ له بحديث ابن عبّاس، وجابر - رضي الله عنهم - المذكور في الباب؛ إذ ليس فيهما ذكر القطع، وزعم أصحابه أن حديث ابن عمر المصرّح بقطعهما منسوخ، وقالوا: قطعهما إضاعة مال، وقال


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٤٥ - ٤٦.
(٢) المصدر المذكور ٥/ ٥٥.