للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على سكانها والواردين عليها، ويصير هذا تفريقًا بغير دليل، وإذا حملنا أهل المدينة على ما ذكرناه لم يحصل في ذلك اضطراب، ومشى اللفظ على مدلول واحد في الأحوال كلّها، واللَّه أعلم. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله -.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله وليّ الدين - رحمه الله - حسنٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وقال صاحب "مرعاة المفاتيح" - بعد ذكر ما تقدّم -: وقد عُلم مما ذكرنا أن ههنا ثلاث صور، أو ثلاث مسائل:

(إحداها): أن يمرّ من ليس ميقاته بين يديه؛ كاليمنيّ، والعراقيّ، والنجديّ يمرّ أحدهم بذي الحليفة، وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة أنه يلزمه الإحرام من ذي الحليفة، ولا يجوز له المجاوزة عنها بغير إحرام؛ لأنه ليس ميقاته بين يديه، وعليه حملت المالكيّة: "ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ".

(والثانية): أن يمرّ من ميقاته بين يديه؛ كالشاميّ مثلًا بذي الحليفة، واختلفوا فيه، فقالت الشافعيّة، والحنابلة، وإسحاق: يلزمه الإحرام من ذي الحليفة، ولا يجوز له التأخير إلى ميقاته؛ أي: الجحفة؛ لظاهر الحديث، خلافًا للمالكية، والحنفيّة، وأبي ثور، وابن المنذر.

(والثالثة): أن المدنيّ إذا جاوز عن ميقاته إلى الجحفة، فهل يجوز له ذلك، أم لا؟ وبالأول قالت الحنفيّة، كما في كتب فروعهم، وبالثاني قال الجمهور، وهو القول الراجح المُعَوَّلُ عليه عندنا. انتهى كلام صاحب "المرعاة" (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الصواب عندي أن من مرّ على أيّ ميقات من المواقيت المحدّدة شرعًا، وهو مريد لأحد النسكين، لا يجوز له أن يتجاوزها بغير إحرام، مطلقًا، سواء كان من أهل تلك المواقيت، أم من غيرهم، وسواء كان ميقاته أمامه، أم لا، عملًا بظاهر النصّ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) وفيه دلالة على جواز دخول مكة بغير إحرام


(١) "مرعاة المفاتيح" ٨/ ٣٥٠ - ٣٥١.