لمن لم يرد الحجّ، أو العمرة، وهذا هو المذهب الصحيح، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك، في محلّه "بَابُ جواز دخول مكة بغير إحرام" - إن شاء اللَّه تعالى -.
(فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَا فَكَذَلِكَ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع النسخ، وهو صحيح، ومعناه: وهكذا، فهكذا من جاوز مسكنه الميقات، حتى أهل مكة يُهِلُّون منها. انتهى (١).
ولفظ عبد الله بن طاوس:"ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ"، قال في "الفتح"؛ أي: فميقاته من حيث أنشأ الإحرام؛ إذِ السفرُ من مكانه إلى مكة، وهذا متّفق عليه، إلا ما روي عن مجاهد أنه قال: ميقات هؤلاء نفس مكّة. انتهى، قال ابن عبد البرّ: إنه قول شاذّ.
وقال العينيّ: الفاء في جواب الشرط؛ أي: فمُهَلُّهُ من حيث قصد الذهاب إلى مكة؛ يعني أنه يهلّ من ذلك الموضع. انتهى.
وقال القاري: ولم يذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حكم أهل المواقيت نفسها، والجمهور على أن حكمها حكم داخل المواقيت، خلافًا للطحاويّ، حيث جعل حكمها حكم الآفاقيّ. انتهى.
(حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا") ولفظ البخاريّ: "حتى أهل مكة من مكة"، قال العينيّ: يجوز في لفظ "أهل" الجرّ؛ لأن "حتى" تكون حرفًا جارًّا بمنزلة "إلى"، ويجوز الرفع على أنه مبتدأ، وخبره محذوف، تقديره: "حتى أهل مكة يهلون من مكة"، كما في قولك: جاء القوم حتى المشاة؛ أي: حتى المشاة جاءوا. انتهى.
ولفظ النسائيّ: "حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ" يعني أن الحكم المذكور، وهو إنشاء الإحرام من مكانه يكون على أهل مكة؛ أي فليس لهم أن يؤخّروا الإحرام عن مكّة.
قال في "الفتح": قوله: حتى أهل مكة من مكة؛ أي: لا يحتاجون إلى