للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعلى كل من وصل إلى ميقاته، ممن يريد الحج، أو العمرة أن يُحرم، وينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده، ويعزم عليه بقلبه؛ لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى"، ويُشرع التلفظ بما نوى كما نقل، فإن كانت نية العمرة، قال: لبيك عمرة، أو اللَّهم لبيك عمرة، وإن كانت نية الحج قال: لبيك حجًا، أو اللَّهم لبيك حجًا؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، ولا يشرع التلفظ بما نوى إلا في الإحرام خاصّة؛ لوروده عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأما الصلاة، والطواف، والصيام، وغير ذلك من العبادات، فلا ينبغي له أن يتلفّظ بشيء منها بالنية؛ لأن ذلك لم يثبت، ولو كان التلفظ بالنية مشروعًا لبيّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأوضحه للأمة بفعله، أو قوله، ولَسَبَق إليه السلف الصالح. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله صاحب "المرعاة" - رحمه الله - تحقيق نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في حكم التلبية:

قال في "الفتح": وفيها مذاهب أربعة، يمكن توصيلها إلى عشرة:

(الأول): أنها سنة من السنن، لا يجب بتركها شيء، وهو قول الشافعيّ، وأحمد.

(ثانيها): واجبة، ويجب بتركها دم، حكاه الماورديّ، عن ابن أبي هريرة، من الشافعيّة، وقال: إنه وجد للشافعيّ نصًّا يدلّ عليه، وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكيّة، والخطابيّ عن مالك، وأبي حنيفة، وأغرب النوويّ، فحكى عن مالك أنها سنة، ويجب بتركها دم، ولا يُعرف ذلك عندهم، إلا أن ابن الجلّاب قال: التلبية في الحجّ مسنونة، غير مفروضة. وقال ابن التين: يريد أنها ليست من أركان الحجّ، وإلا فهي واجبة، ولذلك يجب بتركها الدم، ولو لم تكن واجبة لم يجب، وحكى ابن العربيّ أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم، وهذا قدر زائد على أصل الوجوب.

(ثالثها): واجبة، لكن يقوم مقامها فعل يتعلّق بالحجّ، كالتوجّه على الطريق، وبهذا صدّر ابن شاس، من المالكية كلامه في "الجواهر" له، وحكى