وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: أهلّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين استوت به راحلته قائمةً، رواهنّ البخاري.
ثم قال بعد ذكر الاختلاف: وهذا على سبيل الاستحباب، وكيفما أحرم جاز، لا نعلم أحدًا خالف في ذلك. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله - (١).
وقال ابن عبد البرّ - رحمه الله - بعد ذكر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المذكور في الباب ما نصّه: وأخذ بالعموم في إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخص مكة من غيرها، وقال: لا يُهِلّ الحاج إلا في وقت يتصل له عمله، وقصده إلى البيت، ومواضع المناسك والشعائر؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهلّ، واتصل له عمله، وقد تابع ابن عمر على إهلاله هذا في إهلال المكي من غير أهلها جماعة من أهل العلم، ذَكَر عبد الرزاق قال: حدّثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لا يُهِلّ أحد من مكة بالحج حتى يريد الرواح إلى منى، قال ابن طاوس: وكان أبي إذا أراد أن يُحرم من المسجد استلم الركن، ثم خرج، قال ابن جريج: وقال عطاء: إهلال أهل مكة أن يُهِلّ أحدهم حين تتوجه به دابته نحو منى، فإن كان ماشيًا فحين يتوجه نحو منى، قال ابن جريج: قال لي عطاءٌ: أهلّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ دخلوا في حجتهم مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عشية التروية حين توجهوا إلى منى، قال ابن جريج: وأخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، وهو يخبر عن حجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: فأمرنا بعدما طفنا أن نُحِل، قال: وإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلُّوا، قال: فأحللنا من البطحاء.
قال: وفي هذه المسألة مذهب آخر لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، تابعه عليه أيضًا جماعة من العلماء.
ذكر مالك في "الموطأ" عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شُعْثًا، وأنتم مُدَهِّنون؟ أهلُّوا إذا رأيتم الهلال.
وذكر مالك، عن هشام بن عروة، أن عبد الله بن الزبير أقام بمكة تسع