للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): ما يدلّ على أنه أهلّ حين استوت به ناقته خارج مسجد ذي الحليفة عند الشجرة، كما وقع في روايات ابن عمر - رضي الله عنهما - عند أحمد، والشيخين، وغيرهم، وفي حديث أنس عند البخاريّ، وأبي داود، والبيهقيّ، والطحاويّ، وقال الزيلعيّ بعد ذكر حديث أنس: وأخرج - أي البخاريّ - أيضًا عن عطاء، عن جابر أن إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة حين استوت به راحلته. انتهى.

(ومنها): ما يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - أهلّ حين استوت به على البيداء؛ أي: بعدما علا على شَرَف البيداء، كما وقع في روايات ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أيضًا عند أحمد، والبخاريّ، ومسلم، والترمذيّ، والطحاويّ، وفي حديث أنس عند أحمد، والنسائيّ، وأبي داود، وفي حديث سعد بن أبي وقّاص عند أبي داود، والنسائيّ، والبيهقيّ، والحاكم.

وقد جُمع بين هذه الروايات المختلفة بأن الناس كانوا يأتون أرسالًا، جماعة بعد أخرى، فرأى قوم شروعه - صلى الله عليه وسلم - في الإهلال بعد الفراغ من صلاته بمسجد ذي الحليفة، فنقلوا عنه أنه أهلّ بذلك المكان، ثمّ أهلّ لَمّا استقلّت به راحلته، فسمعه آخرون، فظنّوا أنه شرع في الإهلال في ذلك الوقت؛ لأنهم لم يسمعوا إهلاله بالمسجد، فقالوا: إنما أهلّ عندما استقلّت به راحلته، ثم روى كذلك من سمعه يُهلّ على شرف البيداء، وإلى هذا الجمع مال ابن القيّم، حيث قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ركعتين، ثم أهلّ بالحجّ والعمرة في مصلّاه، ثم ركب على ناقته، وأهلّ أيضًا، ثم أهلّ لَمّا استقلّت به على البيداء. انتهى مختصرًا ملخّصًا.

ويؤيّد هذا الجمع ما رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، والبيهقيّ، والطحاويّ عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أوجب، فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنها إنما كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، فلما صلى في


= قال عليّ - هو ابن حزم -: ومن حيث أهلّ أجزأه؛ لأنه فعل، لا أمرٌ. انتهى.