للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كفّره، فلا خلاف عندهم في قتله على تفاصيل في قتله - ستأتي إن شاء الله تعالى -، وقد عزا شيخ الإسلام رحمه الله تعالى القول بقتله إلى أكثر السلف (١).

وأما القائلون بعدم كفره، فقد ذهب مالك، والشافعيّ، وجماعة إلى قتل تارك الصلاة، وإن كان مسلمًا عندهم.

وذهب أبو حنيفة، والزهريّ، والْمُزَنيّ من الشافعيّة، وأهل الظاهر إلى أنه لا يُقتل، ولكن يُحبس، ويُعزّر.

واحتج الأولون بأدلة:

(الأول): قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥].

قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى: فأمر بالقتل مطلقًا، واستثنى منه ما إذا تابوا، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فمن لم يفعل ذلك بقي على العموم؛ لأنه علّق تخلية السبيل على ثلاثة شروط، والحكم المعلّق بشرط ينعدم عند عدمه، ولأن الحكم المعلّق بسبب عُرِف أنه يدلّ على أن ذلك السبب علّة له، فإذا كان علّة التخلية هذه الأشياء الثلاثة لم يجُز أن تُخَلَّى سبيلهم دونها. انتهى من "شرح العمدة" (٢/ ٦٠)، وبنحوه مختصرًا قاله ابن القيّم في "الصلاة" (ص ٣١ - ٣٢)، والقرافيّ في "الذخيرة" (٢/ ٤٨٣) وغيرهم.

وأجاب القائلون بعدم قتله بأجوبة:

(منها): أن المراد بذلك الالتزام بالصلاة، لا مجرّد الأداء والفعل (٢).

وأجيب بأن هذا خلاف ظاهر الآية، فإنها ظاهرة في الإقرار والالتزام والفعل، لا في الالتزام فقط.

(ومنها): أن الآية عامّة في الصلاة والزكاة، وهم لا يرون قتل تارك الزكاة.

وأجيب بأن الزكاة يمكن أخذها منه بالقوّة، فإن نصب قتالًا قوتل، وإن


(١) راجع: "مجموع الفتاوى" ٢٨/ ٣٠٨.
(٢) "المحلّى" ١١/ ٣٧٨.