للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفضى ذلك إلى قتله، بخلاف الصلاة، فلا تكون إلا بإقامته إياها.

(ومنها): ما قاله أبو حيّان في "البحر المحيط" (٥/ ١٣): والظاهر أن مفهوم الشرط لا ينهض أن يكون دليلًا على تعيين قتل من ترك الصلاة والزكاة متعمّدًا، غير مستحلّ، ومع القدرة؛ لأن انتفاء تخلية السبيل تكون بالحبس وغيره، فلا يتعيّن القتل. انتهى.

والجواب أن الآية تتكلّم عن قتلهم إن يقوموا بعدّة أمور، فإن لم يقوموا بها كلّها، فلا يُخلّى سبيلهم من القتل، فليس الكلام مطلقًا؛ فتأمّل.

(الثاني): ما رواه عُبيد الله بن عديّ بن الخيار، أن عبد الله بن عديّ الأنصاريّ حدّثه، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس بين ظهراني الناس، إذ جاءه رجلٌ يستأذنه أن يُسارّه، فسارّه في قتل رجل من المنافقين، فجهر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكلامه، وقال: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ " قال: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: "أليس يشهد أني رسول الله؟ "، قال: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: "أليس يُصلي؟ "، قال: بلى، ولا صلاة له، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك الذين نُهيت عنهم"، وفي رواية: "عن قتلهم"، أخرجه مالك، وأحمد، والشافعيّ، وسنده صحيح (١).

قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى: ولو كانت الشهادتان موجبة للعصمة مع ترك الصلاة، لم يسأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنها، ولم يسقها مع الشهادتين مساقًا واحدًا، وقوله بعد ذلك: "أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم" يوجب حصر الذين نُهي عن قتلهم في هذا الصنف. انتهى (٢).

وأجاب ابن حزم عن هذا بأن هذا استدلال بالمفهوم.

وتُعُقّب بأن الاستدلال بالمفهوم قول المحقّقين من العلماء، كما هو مبسوط في محلّه من أصول الفقه، فلا التفات إلى ما قاله.

(الثالث): حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - في حديث الخوارج، فقال ذو الخويصرة التميميّ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله اتّق الله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ويلك، ألست


(١) انظر تخريجه والكلام عليه عند محقّق: "صحيح ابن حبّان" ١٣/ ٣٠٩ و ٣١٠.
(٢) "شرح العمدة" ٢/ ٦٣ - ٦٤.