للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويردّ هذا التأويل ما في الذي قبله. ولمسلم من رواية منصور بن زاذان، عن عبد الرحمن بن القاسم: "بطيب فيه مسك"، وله من طريق الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم: "كأني أنظر إلى وبيص المسك"، وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه: "بأطيب ما أجد"، وللطحاويّ، والدارقطنيّ من طريق نافع، عن ابن عمر، عن عائشة - رضي الله عنها -: "بالغالية الجيّدة"، وهذا يدلّ على أن قولها: "بطيب، لا يُشبه طيبكم"؛ أي: أطيب منه، لا كما فهمه القائل: تعني ليس له بقاء.

وادَّعَى بعضهم أن ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، قاله المهلّب، وأبو الحسن القصّار، وأبو الفرج من المالكيّة، قال بعضهم: لأن الطيب من دواعي النكاح، فنَهَى الناس عنه، وكان هو أملك الناس لإربه، ففعله، ورجحه ابن العربيّ بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "حُبّب إليّ النساء والطيب"، أخرجه النسائيّ من حديث أنس - رضي الله عنه -.

وتُعُقّب بأن الخصائص لا تثبت بالقياس.

وقال المهلّب: إنما خُصّ بذلك لمباشرته الملائكة لأجل الوحي.

وتُعقّب بأنه فرع ثبوت الخصوصيّة، وكيف بها؟ ويردّها حديث عائشة بنت طلحة المتقدّم.

ورَوَى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "طيّبت أبي بالمسك لإحرامه حين أحرم"، وبقولها: "طيّبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديّ هاتين"، أخرجه الشيخان من طريق عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده، عنها، وعند البخاريّ من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ: "وأشارت بيديها".

واعتذر بعض المالكيّة بأن عمل أهل المدينة على خلافه.

وتُعُقّب بما رواه النسائيّ، من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن سليمان بن عبد الملك لَمّا حجّ، جمع ناسًا من أهل العلم، منهم القاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وسالم، وعبد اللَّه ابنا عبد اللَّه بن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، فسألهم عن التطيّب قبل الإفاضة، فكلّهم أمر به.