للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند ابن خزيمة، وابن المنذر زيادة ذكر الذئب، والنَّمِر على الخمس المشهورة، فتصير بهذا الاعتبار تسعًا، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهليّ أن ذكر الذئب، والنمر من تفسير الراوي للكلب العقور.

ووقع ذكر الذئب في حديث مرسل، أخرجه ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وأبو داود من طريق سعيد بن المسيّب، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "يقتل المحرم الحية، والذئب"، ورجاله ثقات. وأخرج أحمد من طريق حجاج بن أرطاة، عن وَبَرَة، عن ابن عمر، قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الذئب للمحرم"، وحجاج ضعيف، وخالفه مِسْعَر، عن وَبَرَة، فرواه موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة.

قال الحافظ - رحمه الله -: فهذا جميع ما وقفت عليه في الأحاديث المرفوعة، زيادة على الخمس المشهورة، ولا يخلو شيء من ذلك من مقال. انتهى (١).

وقوله: (يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) وفي حديث ابن عمر: "خمس لا جُناح على من قتلهنّ في الحرم، والإحرام"، وفي لفظ: "خمس ليس على المحرم في قتلهنّ جُناح"؛ أي: إثمٌ.

فعرف بهذا أنه لا إثم في قتلها على المحرم، ولا على الحلال، في الحرم، ولا في غيره، ويعرف حكم الحلال أيضًا بكونه لم يَقُم به مانع، وهو الإحرام، فهو بالجواز أولى.

ثم إنه ليس في نفي الجناح، وكذا الحرج في طريق سالم دلالة على أرجحية الفعل على الترك، لكن ورد في طريق زيد بن جبير، بلفظ: "أَمَرَ"، وكذا في طريق معمر، ولأبي عوانة من طريق ابن نمير، عن هشام، عن أبيه بلفظ: "ليقتل المحرم"، وظاهر الأمر الوجوب، ويَحْتَمِل الندب، والإباحة.

وروى البزّار من طريق أبي رافع، قال: "بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، إذ ضرب شيئًا، فإذا هي عقرب، فقتلها، وأمر بقتل العقرب، والحية، والفأرة، والحدأة للمحرم".

لكن هذا الأمر ورد بعد الحظر؛ لعموم نهي المحرم عن القتل، فلا يكون


(١) "الفتح" ٥/ ١٠١ - ١٠٢.