ولأحمد من وجه آخر في هذه الطريق:"وقع القمل في رأسي، ولحيتي حتى حاجبي وشاربي فبلغ ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل إليّ، فدعاني، فلما رآني قال: لقد أصابك بلاءٌ، ونحن لا نشعر، ادعُ إليّ الحجام، فحلقني".
ولأبي داود من طريق الحكم بن عُتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن كعب:"أصابتني هوامّ حتى تخوفت على بصري"، وفي رواية أبي وائل، عن كعب عند الطبريّ:"فحك رأسي بإصبعه، فانتثر منه القمل"، زاد الطبريّ من طريق الحكم:"إن هذا لأذى، قلت: شديد يا رسول الله".
قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: والجمع بين هذا الاختلاف في قول ابن أبي ليلى، عن كعب:"أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَرّ به، فرآه"، وفي قول عبد الله بن معقل:"أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أرسل إليه فرآه"، أن يقال: مرّ به أولًا فرآه على تلك الصورة فاستدعى به إليه، فخاطبه، وحَلَق رأسه بحضرته، فنقل كل واحد منهما ما لم ينقله الآخر، ويوضحه قوله في رواية ابن عون السابقة، حيث قال فيها:"فقال: ادنُ، فدنوت"، فالظاهر أن هذا الاستدناء كان عقب رؤيته إياه إذ مرَّ به، وهو يوقد تحت القدر. انتهى.
وقال الطبريّ رَحِمَهُ اللهُ: يحتمل أن يكون وقف عليه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بذلك، ثم حُمِل إليه لمّا كثر عليه، فأمره ثانيًا، فلا يكون بين قوله:"فحُملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وبين قوله:"مرّ به" تضادّ.
وقال العينيّ رَحِمَهُ اللهُ بعد ذكر اختلاف الروايات: لا تعارض في شيء من ذلك، ووجهه: أنه مرّ به، وهو محرم في أول الأمر، وسأله عن ذلك، ثم حُمل إليه ثانيًا بإرساله إليه، وأما إتيانه فبعد الإرسال، وأما رؤيته فلا بدّ منها في الكلّ. انتهى باختصار يسير.
(وَأَنَا أُوقِدُ) جملة في محلّ نصب على الحال (تَحْتَ - قَالَ الْقَوَارِيرِيُّ) شيخه الأول (قِدْرٍ لِي)"الْقِدر" بكسر القاف، وسكون الدال: إناء يُطبَخ فيها، وهي مؤنّثةٌ، ولهذا تدخل الهاء في التصغير، فيقال: قُديرةٌ، وجمعها قُدُورٌ، مثلُ حِمْلٍ وحُمُول (١). (وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ) شيخه الثاني (بُرْمَةٍ لِي)"الْبُرْمة" بضمّ