و"الكبير"(١٩/ ١٠٧ و ١١٠ و ١١١ و ١١٢ و ١١٤ و ١١٥)، و (الطبريّ) في "تفسيره"(٢/ ٢٣١ و ٢٣٢)، و (الدارقطنيّ) في "سننه"(٢/ ٢٩٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١٥/ ٦٩ و ١٨٧ و ٢١٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان حكم المحرم الذي يؤذيه القمل، وهو أنه يجوز له أن يحلق رأسه، ويفدي بإحدى هذه الأشياء الثلاثة: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين مدّان، أو ذبح شاة.
٢ - (ومنها): تحريم حلق الرأس على المحرم، والرخصة له في حلقها إذا آذاه القمل، أو غيره من الأوجاع.
٣ - (ومنها): تلطّف الكبير بأصحابه، وعنايته بأحوالهم، وتفقّده لهم، وإذا رأى ببعض أتباعه ضررًا سأل عنه، وأرشد إلى المخرج منه.
٤ - (ومنها): أن السنّة مبيّنة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية في القرآن، وتقييدها بالسنة.
٥ - (ومنها): أنه استَنْبَط منه بعض المالكية إيجاب الفدية على من تعمّد حلق رأسه بغير عذر، فإن إيجابها على المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره، ومن ثمّ قال الشافعيّ، والجمهور: لا يتخيّر العامد، بل يلزمه الدم، وخالف في ذلك أكثر المالكية، واحتجّ لهم القرطبيّ بقوله في حديث كعب:"أو اذبح نسكًا"، قال: فهذا يدلّ على أنه ليس بهدي، قال: فعلى هذا يجوز أن يذبحها حيث شاء.
قال الحافظ: لا دلالة فيه، إذ لا يلزم من تسميتها نُسُكًا، أو نَسِيكة أن لا تسمى هديًا، أو لا تعطى حكم الهدي، وقد وقع تسميتها هديًا في رواية عند البخاريّ، حيث قال:"أو تُهدي شاة"، وفي رواية مسلم:"وأَهْدِ هديًا"، وفي رواية للطبريّ:"هل لك هدي؟ قلت: لا أجد"، فظهر أن ذلك من تصرّف الرواة، ويؤيده قوله في رواية مسلم:"أو اذبح شاة".
٦ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الفدية لا يتعين لها مكان، وبه قال أكثر التابعين. وقال الحسن: تتعين مكة، وقال مجاهد: النسك بمكة، ومنى، والإطعام بمكة، والصيام حيث شاء، وقريب منه قول الشافعيّ، وأبي حنيفة: