للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدم، والإطعام لأهل الحرم، والصيام حيث شاء؛ إذ لا منفعة فيه لأهل الحرم، وألحق بعض أصحاب أبي حنيفة، وأبو بكر بن الجهم من المالكية الإطعام بالصيام.

٧ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الحجّ على التراخي؛ لأن حديث كعب دلّ على أن نزول قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] كان ذلك بالحديبية، وهي في سنة ست، قال في "الفتح": وفيه بحث (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستدلال عندي واضح، وقد ذكر البيهقيّ رَحِمَهُ اللهُ ذلك في "السنن"، فأخرج بإسناده عن الشافعيّ رَحِمَهُ اللهُ قال: نزلت فريضة الحجّ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة، وافتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في شهر رمضان، وانصرف عنها في شوال، واستَخْلَف عليها عَتّاب بن أَسِيد - رضي الله عنه -، فأقام الحج للمسلمين بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قادرٌ على أن يحج، وأزواجه، وعامة أصحابه، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تبوك، فبعث أبا بكر - رضي الله عنه -، فأقام الحج للناس سنة تسع، ورسول الله عليه السلام بالمدينة قادر على أن يحجّ، لم يحج هو، ولا أزواجه، ولا أحد من أصحابه، حتى حج سنة عشر، فاستدللنا على أن الحج فرضه مرةً في العمر، أوله البلوغ، وآخره أن يأتي به قبل موته.

قال البيهقيّ رَحِمَهُ اللهُ: وهذا الذي ذكره الشافعيّ رَحِمَهُ اللهُ موجود في الأخبار والتواريخ، أما ما ذكره من نزول فريضة الحج بعد الهجرة، فكما قال، واستَدَلّ أصحابنا بحديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - المذكور هنا على أنها نزلت زمن الحديبية، ثم أخرج حديث كعب - رضي الله عنه -. انتهى كلام البيهقيّ رَحِمَهُ اللهُ (٢)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

٨ - (ومنها): أنه وقع في رواية للبخاريّ من طريق ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: "فأمره أن يَحْلِق، وهو بالحديبية، ولم يتبيّن لهم أنهم يُحِلّون بها، وهم على طمع أن يدخلوا مكة".


(١) "الفتح" ٥/ ٧٤.
(٢) "السنن الكبرى" للبيهقيّ رَحِمَهُ اللهُ ٤/ ٣٤١.