للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "الفتح": هذه الزيادة ذكرها الراوي لبيان أن الحلق كان استباحة محظور بسبب الأذى، لا لقصد التحلل بالحصر، وهو واضح، قال ابن المنذر: يؤخذ أن من كان على رجاء من الوصول إلى البيت أن عليه أن يقيم حتى ييأس من الوصول فيحلّ، واتفقوا على أن من يئس من الوصول، وجاز له أن يحلّ، فتمادى على إحرامه، ثم أمكنه أن يصل أن عليه أن يمضي إلى البيت ليُتمّ نسكه.

وقال المهلَّب وغيره ما معناه: يستفاد من قوله: "ولم يتبيّن لهم أنهم يحلّون" أن المرأة التي تعرف أوان حيضها، والمريض الذي يعرف أوان حُمّاه بالعادة فيهما إذا أفطرا في رمضان مثلًا في أول النهار، ثم انكشف الأمر بالحيض، والحمّى في ذلك النهار أن عليهما قضاء ذلك اليوم لأن الذي كان في علم الله أنهم يحلّون بالحديبية لم يُسْقِط عن كعب الكفارة التي وجبت عليه بالحلّ قبل أن ينكشف الأمر لهم، وذلك لأنه يجوز أن يتخلف ما عرفاه بالعادة، فيجب القضاء عليهما لذلك، قاله في "الفتح" (١)، وهو بحثٌ مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): ما قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وقد تبيّن بمجموع روايات هذا الحديث: أنهْ كان محرمًا، وأنه لما أباح له الحلق أعلمه بما يترتب على ذلك من الفدية، وأنها ثلاثة أنواع مخيَّر بينها، وأن الصيام ثلاثة أيام، وأن الإطعام لستة مساكين: مُدَّين، مُدَّين لكل مسكين، وأن النسك شاة، فصار هذا الحديث مفسرًا لما في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا … } الآية، من مجمل، وصار هذا الحديث مع الآية أصلًا: في أن المحرم إذا استباح شيئًا من ممنوعات الإحرام التي لا تفسده، فانتفع بذلك، لزمته الفدية. قال أحمد بن صالح: حديث كعب بن عجرة معمول به عند الجميع.

قال القاضي عياض: ولم يقع في شيء منه خلاف إلا في الإطعام، فروي عن أبي حنيفة، والثورى: أن الصاع إنما هو في التمر والشعير، وأما البر: فنصف صاع، وعن أحمد رواية: مُدّ من البر، ونصف صاع من غيره،


(١) "الفتح" ٥/ ٧٤ - ٧٥.