للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحشره من قبره (يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا") أي: لأن الله سبحانه وتعالى يبعثه يوم القيامة على الحالة التي مات عليها، وهي التلبّس بالحجّ، قائلًا: لبيك اللهمّ لبيك، وفي رواية أبي بشر: "فإنه يُبعث يوم القيامة ملبِّدًا". وفي رواية أبي الزبير: "فإنه يُبْعَثُ يوم القيامة، وهو يُهِلّ وفي رواية منصور: "فإنه يُبعث يلبي وفي رواية للنسائيّ رحمه الله: "فإنه يُبعث يوم القيامة مُحرمًا".

قال الصنعاني رحمه الله: الظاهر أنه يُبعث قائلًا: لبيك، وقيل: على الهيئة التي مات عليها؛ ليكون علامة على النسك الذي تلبّس به. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: معناه على الهيئة التي مات عليها، ومعه علامة لحجّه، وهي دلالة الفضيلة، كما يجيء الشهيد يوم القيامة، وأوداجه تَشْخَب دمًا. انتهى.

ووقع في رواية: "يبعث يوم القيامة ملبّدًا" بدال بدل التحتانية، والتلبيد: جمع الشعر بصمغ، أو غيره، ليخفّ شعثه، وكانت عادتهم في الإحرام أن يصنعوا ذلك.

وقد أنكر عياض هذه الرواية، وقال: ليس للتلبيد معنى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لا وجه لإنكار القاضي عياض لرواية "مُلَبِّدًا" بعد صحة نقلها، ودعواه عدم المعنى لها، غير صحيحة، بل لها معنى مقصود، وهو أن يكون التلبيد علامة على موته، وهو كذلك، كما أن الشهيد يأتي بدمه وكَلِمِهِ علامة على موته كذلك، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قال الإمام أبو داود رحمه الله في "سننه" - بعد إخراج الحديث -: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في هذا الحديث خمس سنن: كَفِّنُوه في ثوبيه؛ أي: يكفن الميت في ثوبين، واغسلوه بماء وسدر؛ أي: إن في الغَسَلات كلها سدرًا، ولا تُخَمِّروا رأسه، ولا تقربوه طيبًا، وكان الكفن من جميع المال.

انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "العدّة حاشية العمدة" ٣/ ٢٤٥.
(٢) "سنن أبي داود" ٣/ ٢١٩.