للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبالصفا والمروة، ثم حلّ من كلّ شيء حتى يحج عامًا قابلًا، فيهدي، أو يُطعم، إن لم يجد هديًا".

وحكى ابن المنذر إنكاره عن الزهريّ أيضًا، وحكاه ابن عبد البرّ عن سفيان الثوريّ. وحكاه المحبّ الطبريّ عن أحمد، وهو غلط، فالمعروف عنه ما قدمناه.

قال ابن قدامة: وعن أبي حنيفة أن الاشتراط يفيد إسقاط الدم، فأما التحلل فهو ثابت عنده بكل إحصار.

وقال ابن حزم: روينا عن إبراهيم: كانوا يستحبّون أن يشترطوا، وكانوا لا يرون الشرط شيئًا لو أن الرجل ابتلي، وروينا عنه: كانوا يكرهون أن يشترطوا في الحجّ، قال ابن حزم: هذا تناقض مرّة كانوا يستحبّون، ومرّة كانوا يكرهون، فأقل ما في هذا ترك رواية إبراهيم لاضطرابها.

قال الجامع عفا الله عنه: إن أرجح المذاهب مذهب القائلين بمشروعيّة الاشتراط، كما سيأتي تمام البحث فيه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في بيان مُتمسَّك كل مذهب من هذه المذاهب:

قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: من قال بالجواز تمسّك بهذا الحديث، ورأى أن الأمر به ترخيص، وتوسعة، وتخفيف، ورفق، وأنه يتعلّق بمصلحة دنيوية، وهي ما يحصل لها من المشقّة بمصابرة الإحرام مع المرض.

ومن قال بالاستحباب رأى المصلحة فيه دينيّة، وهو الاحتياط للعبادة، فإنها بتقدير عدمه قد يعرض لها مرض يُشَعّث العبادة، ويوقع فيها الخلل، وهذا بعيد.

ومن قال بالوجوب حمل الأمر على حقيقته، وهو أبعد من الذي قبله، ولو كان واجبًا لما أخلّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفعله، ولا الصحابة - رضي الله عنهم -، ولو فعلوا ذلك في حجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لنُقِل، وقد صرّح ابن عمر بأنه لم يشترط، كما سيأتي ذكره في الباب التالي، ولما لم يأمر به إلا هذه المرأة الواحدة بعد شكايتها له علمنا أن ذلك ترخيص حرّك ذكره هذا السبب، وهو شكواها.