للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بالوجوب يحتاج إلى ثبوته، كما أسلفته، والله تعالى أعلم.

ومن قال بالإنكار منهم من ضعّف الحديث كما تقدّم ذكره، وردّه، ومنهم من أوّله، وفي تأويله أوجه:

(أحدها): أنه خاصّ بضباعة، حكاه الخظابيّ عن بعضهم، قال: وقال: يشبه أن يكون بها مرض، أو حال كان غالب ظنها أنه يعوقها عن إتمام الحجّ، وهذا كما أذن لأصحابه في رفض الحجّ، وليس ذلك لغيرهم.

وقال النوويّ في "شرح مسلم" بعد ذكره هذا المذهب: وحملوا الحديث على أنها قضية عين، وأنه مخصوص بضباعة، وحكاه في "شرح المهذّب" عن الرويانيّ من الشافعية، ثم قال: وهذا تأويل باطلٌ، ومخالف لنصّ الشافعيّ، فإنه إنما قال: لو صحّ الحديث لم أَعْدُهُ، ولم يتأوله، ولم يخصّه.

(الثاني): أن معناه: محلي حيث حبستني بالموت؛ أي: إذا أدركتني الوفاة انقطع إحرامي. حكاه النوويّ في "شرح المهذّب" عن إمام الحرمين، ثم قال: وهذا تأويل ظاهر الفساد، وعجبت من جلالة الإمام كيف قاله؟

(الثالث): أن المراد التحلل بعمرة، لا مطلقًا، حكاه المحبّ الطبريّ عن بعضهم. ويردّه حديث ضباعة المتقدّم، حيث قال لها: "قولي: اللهم إني أريد الحج إن أذنت لي به، وأعنتني عليه، ويسّرته لي، وإن حبستني، فعمرة، وإن حبستني عنهما جميعًا، فمحلّي حيث حبستني". فإن هذا فيه التصريح بالتحلل المطلق عن الحج والعمرة معًا.

وحكى ابن حزم عن بعضهم أن هذا الحديث مخالف لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] ولقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]. وعن بعضهم أنه مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل"، وعن بعضهم أن هذا الخبر رواه عروة، وعطاء، وسعيد بن جبير، وطاوس، وروي عنهم خلافه. ثم قال ابن حزم: سمعناكم تعتلّون بهذا في الصاحب، فعذيتموه إلى التابع، وإن درجتموه بلغ إلينا، وإلى من بعدنا، فصار كلّ من بلغه حديث، فتركه حجة في ردّه، ولئن خالف هؤلاء