(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
[تنبيه]: هذا الإسناد مما استدركه الدارقطنيّ رحمه الله، فقال في "التتبّع": خالفه - أي: عبيد الله بن عمر - مالك، عن عبد الرحمن، عن أبيه، مرسلًا، ليس فيه عائشة، وهو الصواب، وحديث عبدة خطأٌ، وقال سليمان: عن يحيى، عن القاسم، عن أبيه، ولا يصحّ عن أبيه. انتهى.
وتعقّب أبو مسعود الدمشقيّ: رحمه الله في "الأجوبة" استدراك الدارقطنيّ هذا، فقال: إذا جوّد عبيد الله إسناد حديث لم يُحكم لمالك عليه فيما أرسله، فإن مالكًا كثيرًا ما أرسل أشياء أسندها غيره من الإثبات، وعبدة بن سُليمان فثقةٌ ثبتٌ. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد أبو مسعود رحمه الله في تعقّبه هذا، وحاصله أن الأرجح هنا رواية عبيد الله بن عمر المتّصلة بذكر عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنها زيادة من ثقةٌ حافظ، وليس بأقلّ من مالك في الإتقان، بل قدّمه بعض الأئمة عليه، قال عمرو بن عليّ الفلّاص: ذكرت ليحيى بن سعيد - يعني القطّان - قول ابن مهديّ: إن مالكًا أثبت في نافع من عبيد الله، فغضب، وقال: هو أثبت من عبيد الله؟ وقال أبو حاتم، عن أحمد: عبيد الله أثبتهم، وأحفظهم، وأكثرهم روايةً، وقال عثمان الدارميّ: قلت لابن معين: مالك أحبّ إليك عن نافع، أو عبيد الله؟ قال: كلاهما، ولم يفضِّل، وقال جعفر الطيالسيّ: سمعت يحيى بن معين يقول: عبيد الله عن القاسم، عن عائشة الذهب المشبَّكُ بالدُّرَر، فقلت: هو أحبّ إليك أو الزهريّ، عن عروة، عن عائشة؟ قال: هو إليّ أحبّ، وقال أحمد بن صالح: عبيد الله أحب إليّ من مالك في حديث نافع (١).
فتبيّن بهذا أن عبيد الله لا يقلّ من مالك إتقانًا، فتكون زيادته مقبولة، ومن الغريب أن مذهب الدارقطنيّ في مثل هذا قبول الزيادة، فلماذا رجّح إرسال مالك؟ هذا شيء عجيب.