للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلا يحلّ حتى ينحر هديه" - على أن المعتمر، والمتمتّع إذا كان معه هدي، لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر، ومذهب مالك، والشافعيّ، وموافقيهما أنه إذا طاف، وسعى، وحلق، حلّ من عمرته، وحلّ له كلّ شيء في الحال، سواء ساق الهدي، أم لا، واحتجّوا بالقياس على من لم يسق الهدي، وبأنه تَحَلَّلَ من نسكه، فوجب أن يحلّ له كل شيء، كما لو تحلّل المحرم بالحجّ.

وأجابوا عن هذه الرواية بأنها مختصرة من الروايات التي ذكرها مسلم بعدها، والتي ذكرها قبلها عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان معه هدي، فليُهلّ بالحجّ مع العمرة، ثم لا يحلّ حتى يحل منهما جميعًا"، فهذه الرواية مفسّرة للمحذوف من الرواية التي احتجوا بها، وتقديرها: ومن أحرم بعمرة، وأهدى، فليهلّ بالحج، ولا يحلّ حتى ينحر هديه، ولا بدّ من هذا التأويل؛ لأن القضيّة واحدة، والراوي واحد، فيتعيّن الجمع بين الروايتين على ما ذكرنا. انتهى كلام النوويّ بتصرّف.

وقال الشوكانيّ رحمه الله بعد أن ذكر نحو ما ذكره النوويّ من التأويل: ولا يخفى ما فيه من التعسّف. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنّ ما ذهب إليه الحنفية، والحنابلة من أن المعتمر إذا ساق الهدي لا يتحلّل حتى ينحر هديه هو الحقّ؛ لصحة الحديث بذلك، وتأويله على خلاف ظاهره تعسّف ظاهر، والله تعالى أعلم بالصواب.

(قَالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَأَنَا حَائِضٌ) سيأتي أنها حاضت بِسَرِف، وتمادى بها الحيض إلى يوم النحر (لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْت، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوةِ) أي: لقوله - صلى الله عليه وسلم - لها: "افعلي ما يفعل الحاجّ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".

وقال القرطبيّ رحمه الله: إنما لم تطف بالبيت؛ لاشتراط الطهارة في الطواف، ولا بالصفا والمروة؛ لأن مشروعيته أن يكون على إثر طواف، وإنما امتنعت من ذلك لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الرواية الأخرى: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري". انتهى.