واحد؛ لأن أفعال العمرة تندرج في أفعال الحجّ، وبهذا قال الجمهور، وهو الحقّ، وقال الحنفية: إن القارن عليه طوافان، وسعيان، وسيأتي تحقيق القول في ذلك - إن ضاء الله تعالى -.
[تنبيه]: قيل: هذا الحديث بظاهره مشكل على الجميع؛ لأنه يدلّ على اكتفائهم بطواف واحد، وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة أنهم طافوا ثلاثة أطوفة: الأول طواف القدوم، والثاني: طواف الإفاضة، والثالث: طواف الوداع.
وقد أجابوا عن ذلك، وأحسن ما رأيت في ذلك ما كتبه السنديّ في "حاشيته على البخاريّ": حيث قال: ظاهر الحديث أنهم إنما اقتصروا من الطوافين اللذين طافهما السابقون على أحدهما، إما الأول، وإما الثاني، وليس الأمر كذلك، بل هم أيضًا طافوا الطوافين، الأول، والثاني جميعًا، وذلك مما لا خلاف فيه، وقد جاء صريحًا عن ابن عمرر - رضي الله عنهما -، ففي "صحيح مسلم" عنه: "وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأهلّ بالعمرة، ثم أهلّ بالحجّ"، إلى أن قال:"وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة"، إلى أن قال:"ونحر هديه يوم النحر، وأفاض، وطاف بالبيت، وفعل مثل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهدى، وساق الهدي من الناس".
ثم ذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها أخبرت بمثل ذلك، قال: فالمراد كما سبق أنهم طافوا للركن طوافًا واحدًا، والسابقون طافوا للركن طوافين.
وقال أيضًا: قولها: "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا"؛ أي: ما طافوا طواف الفرض إلا طوافًا واحدًا، هو طواف الإفاضة، والذي طافوا أوّلًا كان طواف القدوم الذي هو من السنن، لا من الفرائض، بخلاف الذين حلّوا، فإنهم طافوا أؤلًا فرض العمرة، ثم فرض الحجّ، فطافوا طوافين للفرض، ولم تُرِد أن الذين جمعوا ما طافوا أوّلًا حين القدوم، أو ما طافوا آخرًا بعد الرجوع من منى، كما يفيده ظاهر الكلام، كيف والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان من الذين جمعوا على التحقيق، وعلى مقتضى هذا الحديث؛ لأنه كان معه الهدي البتّة، وقد ثبتٌ أنه طاف أوّلًا حين قدم، وطاف ثانيًا طواف الإفاضة، حين رجع من منى، بل لعله ما ثبتٌ أن أحدًا ترك الطواف