للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والبراء، يخبران عن إخباره - صلى الله عليه وسلم عن نفسه بالقران، وهذا عليّ أيضًا يخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ربه أمره بأن يفعله، وعلّمه اللفظ الذي يقوله عند الإحرام، وهذا عليّ أيضًا يخبر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم يلبي بهما جميعًا، وهؤلاء بقية من ذكرنا يخبرون عنه بأنه فعله، وهذا هو - صلى الله عليه وسلم - يأمر به آله، ويأمر به من ساق الهدي.

وهؤلاء الذين رووا القران بغاية البيان عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وعمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفان بإقراره لعليّ، وتقرير عليّ له، وعمران بن الحصين، والبراء بن عازب، وحفصة أم المؤمنين، وأبو قتادة، وابن أبي أوفى، وأبو طلحة، والهرماس بن زياد، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، فهؤلاء هم سبعة عشر صحابيًّا - رضي الله عنهم -، منهم من رَوَى فعله، ومنهم من روى لفظ إحرامه، ومنهم من روى خبره عن نفسه، ومنهم من روى أمره به.

[فإن قيل]: كيف تجعلون منهم ابن عمر، وجابرًا، وعائشة، وابن عباس، وهذه عائشة تقول: أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجّ، وفي لفظ: أفرد الحج، والأول في "الصحيحين"، والثاني في مسلم، وله لفظان: هذا أحدهما، والثاني أهلّ بالحج مفردًا، وهذا ابن عمر يقول: لبى بالحج وحده، ذكره البخاريّ (١)، وهذا ابن عباس يقول: وأهلّ رسول الله بالحج، رواه مسلم، وهذا جابر يقول: أفرد الحجّ، رواه ابن ماجه؟

[قيل]: إن كانت الأحاديث عن هؤلاء تعارضت وتساقطت، فإن أحاديث الباقين لم تتعارض، فهَبْ أن أحاديث مَن ذكرتم لا حجة فيها على القران، ولا على الإفراد؛ لتعارضها، فما الموجب للعدول عن أحاديث الباقين، مع صراحتها وصحتها، فكيف وأحاديثهم يُصَدّق بعضها بعضًا، ولا تعارض بينها، وإنما ظَنَّ من ظَنّ التعارض؛ لعدم إحاطته بمراد الصحابة من ألفاظهم، وحملها على الاصطلاح الحادث بعدهم.


(١) الظاهر أن مسلمًا هو الذي أخرجه بهذا اللفظ، وأما البخاريّ فيحتاج إلى النظر، وقد علّق محقق الزاد قائلًا: ولم نجدها في البخاريّ. انتهى، فليُحرّر.