للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنهما سنة، والثاني أنهما واجبتان، والثالث إن كان طوافًا واجبًا فواجبتان، وإلا فسنتان، وسواء قلنا واجبتان أو سنتان، لو تركهما لم يبطل طوافه، والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يفعل ففي الْحِجْر، وإلا ففي المسجد، وإلا ففي مكة، وسائر الحرم، ولو صلاهما في وطنه وغيره من أقاصي الأرض جاز، وفاتته الفضيلة، ولا تفوت هذه الصلاة ما دام حيًّا، ولو أراد أن يطوف أطوفة استُحِبّ أن يصلي عقب كل طواف ركعتيه، فلو أراد أن يطوف أطوفة بلا صلاة، ثم يصلي بعد الأطوفة لكل طواف ركعتيه، قال أصحابنا: يجوز ذلك، وهو خلاف الأولى، ولا يقال: مكروه، وممن قال بهذا: الْمِسْوَر بن مَخْرَمة، وعائشة، وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، وكرهه ابن عمر، والحسن البصريّ، والزهريّ، ومالك، والثوريّ، وأبو حنيفة، وأبو ثور، ومحمد بن الحسن، وابن المنذر، ونقله القاضي عن جمهور الفقهاء. انتهى (١).

(فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: معنى هذا الكلام أن جعفر بن محمد رَوَى هذا الحديث عن أبيه، عن جابر - رضي الله عنه -، قال: كان أبي - يعنى محمدًا - يقول: إنه قرأ هاتين السورتين، قال جعفر: ولا أعلم أبي ذكر تلك القراءة عن قراءة جابر في صلاة جابر، بل عن جابر، عن قراءة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاة هاتين الركعتين، قال: وأما قوله: "لا أعلم ذَكَرَه إلا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " ليس هو شكًّا في ذلك؛ لأن لفظة العلم تنافي الشك، بل جزم برفعه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكره البيهقيّ بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر - رضي الله عنه -: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت، فرمل من الحجر الأسود ثلاثًا، ثم صلى ركعتين، قرأ فيهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. انتهى (٢).

وقوله: (كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: معناه قرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ١٧٦.