للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، وفي الثانية بعد الفاتحة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}.

قال في "المرعاة": الواو لمطلق الجمع، فلا إشكال، قال الطيبيّ: كذا في "صحيح مسلم"، و"شرح السنّة" في إحدى الروايتين، وكان من الظاهر تقديم "سورة الكافرون"، وفي رواية للنسائيّ: "فصلّى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} "، وفي رواية للترمذيّ: "قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} ". انتهى (١).

(ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ) يعني أنه - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة ركعتي الطواف رجع إلى الحجر الأسود، فاستلمه، وهذا يدلّ على شدّة العناية، والتهمّم باستلام الحجر الأسود (٢).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: فيه دلالة لما قاله الشافعيّ وغيره من العلماء: أنه يستحب للطائف طوافَ القدوم إذا فرغ من الطواف، وصلاته خلف المقام، أن يعود إلى الحجر الأسود، فيستلمه، ثم يَخرُج من باب الصفا ليسعى، واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب، وإنما هو سنة، لو تركه لم يلزمه دم. انتهى (٣).

(ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَاب) أي: من باب البيت الحرام (إِلَى الصَّفَا) مقصورًا، في الأصل هي الحجارةَ الْمُلْسُ، الواحدة صفاوٌ، مثلُ حَصًى وحَصَاوٍ، ومنه سُمّي الصفا موضع بمكة، ويجوز تذكيره وتأنيثه باعتبار إطلاق لفظ المكان والبقعة عليه، قاله في "المصباح" (٤).

(فَلَمَّا دَنَا) أي: قَرُب (مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}) قال أبو عبد الله القرطبيّ رحمهُ اللهُ في "تفسيره": أصل الصفا في اللغة: الحجر الأملس، وهو هنا جبل بمكة معروف، وكذلك المروة جبل أيضًا، ولذلك أخرجهما بلفظ التعريف، وذَكَّر الصفا؛ لأن آدم عليه السَّلام وقف عليه، فسُمِّي به، ووقفت حواء على المروة، فسميت باسم المرأة، فأُنِّث لذلك، والله أعلم.


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٧ - ٨.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٢٦.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ١٧٦.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٣٤٤.