للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الشعبيّ: كان على الصفا صنم يُسَمَّى إِسَافًا، وعلى المروة صنم يُدْعَى نائلة، فاطّرَد ذلك في التذكير والتأنيث، وقُدِّم المذكر، وهذا حسنٌ؛ لأن الأحاديث المذكورة تدلّ على هذا المعنى، وما كان كراهة من كره الطواف بينهما إلا من أجل هذا، حتى رفع الله الحرج في ذلك، وزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة، فمسخهما الله حجرين، فوضعهما على الصفا والمروة؛ ليُعتَبر بهما، فلما طالت المدة عُبِدا من دون الله، والله تعالى أعلم.

و"الصفا": مقصورٌ جمع صَفَاة، وهي الحجارة الْمُلْسُ، وقيل: الصفا اسم مفرد، وجمعه صُفِيٌّ بضم الصاد، وكسرها (١)، وأَصْفاءٌ على مثل أَرْحاء، قال الراجز:

كَأَنَّ مَتْنَيْهِ (٢) مِنَ النَّفِيِّ … مَوَاقِعُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِّ

وقيل: من شروط الصفا البياض، والصلابة، واشتقاقه من صفا يصفو؛ أي: خَلَص من التراب، والطين.

و"المروة": واحدة المرو، وهي الحجارة الصغار التي فيها لِينٌ، وقد قيل: إنها الصلاب، والصحيح أن المرو: الحجارة صَلِيبها ورِخوها الذي يتشظى، وتَرِقّ حاشيته، وفي هذا يقال: المرو أكثر، ويقال في الصليب، قال الشاعر:

وَتَوَلَّى الأَرْضَ خِفًّا ذَابِلًا … فَإِذَا مَا صَادَفَ الْمَرْوَ رَضَخْ

وقال أبو ذؤيب [من الكامل]:

حَتَّى كَأَنِّي لِلْحَوَادِثِ مَرْوَةٌ … بِصَفَا الْمُشَقَّرِ كُلَّ يَوْم تُقْرَعُ

وقد قيل: إنها الحجارة السُّود، وقيل: حجارة بيض بَرّاقة، تكون فيها النار.

({مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}) أي: من أعلام مناسكه، ومواضع عباداته، وهي جمع شعيرة، والشعائر المتعبَّدات التي أشعرها الله تعالى؛ أي: جعلها أعلامًا للناس


(١) الكسر زاده في "اللسان"، و"القاموس".
(٢) قال في "اللسان": الصواب: "كأن متنيّ" لأن بعده: "من طول إشرافي على الطَّويِّ". انتهى.