للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ) أي: وَفَى بما وعد به من إظهار دينه، حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٥)} [الصفّ: ٩] (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نصرًا عزيزًا، كما قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (٣)} [الفتح: ١ - ٣]، ووقع في رواية أحمد: "صدق عبده"، ومعنى صدق الله تعالى عبده: تأييده له بالمعجزات، والله تعالى أعلم.

(وَهَزَمَ) وفي رواية: "وغلب" (الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ") أي: هزمهم بغير قتال من الآدميين، ولا بسبب من جهاتهم، كما قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩]، والمراد بالأحزاب: هم الذين تَحَزّبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، وكان الخندق في شوال سنة أربع من الهجرة، وقيل: سنة خمس، قاله النوويّ رحمهُ اللهُ (١)، ويَحتمل أن يكون المراد بالأحزاب: أنواع الكفّار الذين تحزّبوا لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغُلبوا بالهزيمة والفرار (٢).

وقوله: (ثُمَّ) هنا لمجرّد الترتيب، دون التراخي (دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أي: بين مرّات هذا الذكر بما شاء (قَالَ مِثْلَ هَذَا) وفي نسخة: "مثل ذلك أي: مثل الذكر المتقدّم (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: كلمة "ثُمّ" تقتضي التراخي، وأن يكون الدعاء بعد الذكر، و"بين" تقتضي التعدّد والتوسّط بين الذكر بأن يدعو بعد قوله: "وهو على كلّ شيء قدير"، ثم الدعاء، فتمحّل من قال: لما فرغ من قوله: (وهزم الأحزاب وحده) دعا بما شاء، ثم قال مرّة أخرى هذا الذكرَ، ثم دعا، حتى فعل ثلاث مرّات، فهذا إنما يستقيم على التقديم والتأخير بأن يذكر قوله: "ثم دعا بين ذلك" بعد قوله: "قال مثل هذا ثلاث مرّات"، وتكون "ثمّ" للتراخي في الإخبار، لا تأخّر زمان الدعاء عن الذكر، ويلزم أن يكون الدعاء مرّتين. انتهى (٣).

وقال السنديّ رحمهُ اللهُ: يقول الذكر ثلاث مرّات، ويدعو بعد كلّ مرّة. انتهى.


(١) "شرح النووي" ٨/ ١٧٧.
(٢) "المرعاة" ٩/ ٩.
(٣) "الكاشف" ٦/ ١٩٦١.