للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يختصّ بعام دون عام إلى يوم القيامة، وكرّر ذلك ثلاث مرّات للتأكيد، وشبّك بين أصابعه إشارة إلى اشتراك الأعوام في ذلك بدون اختصاص أحدها.

[تنبيه]: قد اختلف العلماء في سؤال سُراقة هذا:

فقال بعضهم: المراد منه الإتيان بالعمرة في أشهر الحجّ.

وذهب آخرون إلى أن المراد بذلك القران، يعني اقتران الحج بالعمرة.

وقال آخرون: المراد منه فسخ الحجّ إلى العمرة.

فعلى الأول يكون معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت العمرة في الحجّ" أي: حلّت العمرة في أشهر الحجّ وصحّت، والمقصود إبطال ما زعمه أهل الجاهليّة من أن العمرة لا تجوز في أشهر الحجّ، وعليه الجمهور.

وعلى الثاني: دخلت العمرة في الحجّ؛ أي: اقترنت به، لا تنفكّ عنه لمن نواهما معًا، وتندرج أفعال العمرة في أفعال الحجّ حتى يتحلّل منهما معًا، قيل: ويدلّ عليه تشبيك أصابعه.

وتُعُقّب بأنه حينئذ لا مناسبة بين السؤال والجواب، فتدبّر.

وعلى الثالث؛ أي: دخلت نيّة العمرة في نيّة الحجّ، بحيث إن من نوى الحجّ صحّ له الفراغ منه بأفعال العمرة، قال النوويّ: وهو ضعيف، وقال القاري بعد ذكره: أقول: هذا هو الظاهر من سياق الحديث، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ: وتُعُقّب - أي: قول النووي - بأن سياق السؤال يقوّي هذا التأويل، بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعمّ من ذلك، حتى يتناول التأويلات المذكورة. انتهى.

وقيل: معنى دخولها في الحجّ سقوط وجوب العمرة بوجوب الحجّ، قال النوويّ: وسياق الحديث يقتضي بطلان هذا التأويل.

قال صاحب "المرعاة": قلت: حديث جابر - رضي الله عنه - هذا صريح في أن سؤال سراقة - رضي الله عنه - عن فسخ الحجّ إلى العمرة، وجواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له يدلّ على تأييد مشروعيّته كما ترى؛ لأن الجواب مطابق للسؤال، ومعنى فسخ الحجّ إلى العمرة أن من أحرم بالحجّ مفردًا، أو قارنًا، ولم يسق الهدي، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة قبل الوقوف بعرفة له أن يفسخ نيّته بالحجّ، وينوي عمرة مفردةً، فقصّر، ويتحلّل من إحرامه؛ ليصير متمتّعًا. انتهى كلام صاحب "المرعاة".